السبت، 17 أغسطس 2024

هل نبكي على الجسر؟

 هل نبكي على الجسر؟

 

لي علاقة خاصة بالجسر المعلّق.

تقص لنا أمي ذكريات الصف الرابع الابتدائي وهي إحدى الأطفال حاملي الزهور عند افتتاح الجسر أمام الناس لأول مرة.

أما في طفولتي أنا فلا أتذكر قصف الجسر من قبل القوات الأمريكية عام 1991 ولا أتذكر تفاصيل إعادة افتتاحه بعد الإعمار بكوادر عراقية خالصة، لكنني كنت أقف أمام جدارية الفنان (عزام البزاز) البرونزية التي توثق الكوادر التي قامت بترميم الجسر كلما زرت الحديقة الدائرية المجاورة له.    

بعد عام 2003 أصبح الجسر بوابة من بوابات جنّة (الخضراء)، أو جحيم (المدينة)، لا يعبر الجسر الا ذو حظ عظيم وباج، من لا يملكهما ويريد عبوره فعليه أن ينتظر (ESCORT) ليجتاز به السيطرات الأمنية المتعددة الي نصبها الأمريكان على الجسر.

Green Zone تسمية أطلقها الأمريكان على كرادة مريم، وكانت أجزاء الجسر الحديدية مصبوغة باللون الأخضر أيضاً منذ البداية.

بعد أعوام طويلة حُلّت مشاكل المدينة وتم إعادة افتتاح المنطقة الخضراء والجسر مرة أخرى أمام العابرين، ولكنه تحول الى اللون الرمادي (الرصاصي)، بعد إعماره في عهد حكومة رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي دون أن يعلم أحد لما تم تغيير لونه الأخضر المرتبط بذاكرة أبناء المدينة، ودون أن يهتم أحد بتفسير هذا القرار للناس.




ننسى مناقشة تغيير لون الجسر مقابل ضرورة مناقشة تأثير مشاريع فك الاختناقات في بغداد على الجسر المعلّق، ففي سبيل ربط الطرق القادمة من كراج علاوي الحلة بالمحافظات الجنوبية وبالعكس، افتتح أولاً سريع اليوسفية المرتبط بالطريق السريع الجنوبي، ثم مشروع مجسر فوق تقاطع شارع المصافي (الدورة) ثم ربط الجسر ذو الطابقين بالجسر المعلّق (وهو مشروع قديم مخطط له عند بناء الجسر ذو الطابقين وتم ترك المسار المؤدي للجسر المعلّق غير مكتمل)، الجديد هو أن الربط ليس بجسم الجسر المعلّق ذاته وإنّما بجسرين أو مسارين جديدين على جانبي الجسر المعلّق القديم.

سيؤثر المساران الجديدان على الجسر، سيؤثران على منظر الجسر الرمزي التقليدي من الجانبين، سيؤثران على إدراك فضاء (رأس الجسر) في جانبي كرادة مريم والكرادة الشرقية، خاصة وأنها يرتفعان عن مستوى مقتربات الجسر.


(فلاش باك)

عندما تم استبدال حجر تغليف جدارية نصب الحرية، من الحجر القديم المتضرر الى حجر (ترافرتين) جديد بلون يختلف قليلاً عن لون الحجر القديم، كتبت شخصية مختصة أو عدّة شخصيات وبلغة حادّة قاسية على مواقع التواصل الاجتماعية، منتقدة اختيار لون وخامة الحجر الجديد معتبريها جريمة بحق النصب والمدينة. بعد عام تقريباً أصبح كل شيء طبيعي، اعتادت عيوننا الحجر الجديد ولم نعد نتذكر حتى كيف كان النصب بحجره القديم الأصلي، ونتذكر فلان أو فلانة بالمبالغة وعدم تشجيع الجهات المسؤولة في مشاريعها لتطوير المدينة.


(عودة للحاضر)

هل يصح مقارنة حجر تغليف نصب بمسارين على جانبي الجسر المعلّق؟

نصب الحرية رمز والجسر المعلّق رمز بغدادي أيضاً.

هل نكتب اليوم بلغة عاطفية قاسية عن جريمة بحق الجسر المعلّق أم سنكتشف بعد عام من انجاز المشروع أن الرمز سليم معافى ولم يتأثر؟

هل نبكي على الجسر؟ أم أسفل الجسر؟! مع العلم أن (البكاء أسفل الجسر) ليست نكتة رديئة وإنما سيكون هنالك طريق يمر أسفل الجسر فعلاً وهو توسعة لشارع أبو نؤاس البغدادي.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق