الجمعة، 23 يناير 2015

بعيداً عن العمارة، لماذا نطلق العيارات النارية؟

من المحتمل أننا يجب أن نسأل أولاً:
لماذا نصرخ من الألم؟ لماذا نصرخ عندما ترتطم أقدامنا بحافة مدببة؟
والإجابة من Google هي: السبب أن الدماغ يتعرض لضغط كبير عند وجود أي حدث غير مفهوم أو مفاجىء له، ولتحرير هذا الضغط هناك أساليب عدة منها الصراخ الذي يخفف من الضغط على الأعصاب حتى يستطيع الجسم التعامل مع الظرف الجديد الذي تعرض له.
ولكن هل تصلح هذه الإجابة لسؤال آخر؟ لماذا نصرخ عندما نسمع خبر محزن؟ ولماذا نصرخ عندما نسمع خبر مفرح؟ مع عدم وجود عامل مادي مؤثر على الجسد الانساني.
أعتقد أن الضغط الناتج عن نقل الإحساس بالألم عن طريق الأعصاب الحسية، مشابه للضغط الناتج عن نقل المعلومات بواسطة الأعصاب السمعية أو البصرية، لذا فالصراخ في كل الاحوال هو للتخفيف عن ذلك الضغط المفاجئ.
ودعونا نتكلم عن الفرح فقط ... هل رأيتم يوماً لاعب كرة قدم سجل هدفاً ولم يصرخ بفرح؟ وماذا عن المشاهدين؟ وتزداد شدة الصراخ مع أهمية الهدف بالتأكيد، فلو كان الفريق فائز ب4 أهداف لصفر مثلاً وسجل اللاعب هدفاً خامساً هل سيصرخ بكل قوته؟
لذلك أرى أن هنالك إنساناً في التأريخ، فرح فرحا شديداً ووجد أن صوته وبكل طاقته لا يعبر عن شدة ذلك الفرح، فتلفت (يمنة ويسرة) فرأى حجراً وآنية طعام معدنية، فطرق بالحجر على المعدن ليصدر صوتاً أعلى من صوته المجرد!
حقيقة لا أعرف بعدها كيف وصل الأمر بالانسان الى إختراع الطبل والدف لإصدار أعلى الاصوات، ولكنها بديل لصوت الانسان للتعبير عن الفرح أولاً، لتتطور بعدها وتستخدم لأنتاج الالحان الموسيقية.
وهنا نصل الى مرحلة تأريخية مهمة بدأت باللحظة التي ردد فيها الثوارالعراقيين " الطوب أحسن لو مكواري"، هذه اللحظة تتمثل بدخول الأسلحة النارية الى العراق بكافة أنواعها، قد تكون دخلت لأول مرة مع العثمانيين ومن ثم مع الصراع بين العثمانيين والانكليز على إحتلال العراق ...
ويروي لنا التأريخ على لسان جدتي، أن الثوار العراقيين كانوا يخربون سكة القطار الناقل للأسلحة والعتاد ليستولوا على ما تحتويه وإستخدامه ضد المحتلين. وبذلك أصبح لدى الناس أداة تصدر صوتاً أعلى من الطبل والدف! صوت مدوّي وقاتل في نفس الوقت، وهنا بالذات (نفترض) وجود حادثة تأريخية إستعمل فيها الثوار تلك الاسلحة لقتل المحتلين وأنتصروا عليهم، فأصابتهم فرحة هستيرية عبروا عنها بإستمرار إطلاق الأصوات التي كانت سبباً في إنتصارهم!
وإستمرت هذه الظاهرة حتى يومنا هذا، والدليل على كون إطلاق الرصاص بديل للصراخ، هو عدم رؤيتنا لشخص يعبر عن فرحه بالرمي من سلاح كاتم للصوت!
وبما أننا نمتلك حرية وضع الحلول النظرية والتطبيق (الله كريم)، فالحل المفترض يتضمن ثلاث فقرات مترابطة:
الأولى: تطبيق صارم لقانون يمنع إطلاق النار لأي سبب كان غير (الدفاع عن النفس)، وهذا ماكان عليه الأمر في النظام السابق، فحتى هذه اللحظة أتذكر توبيخ جدي بسبب الصوت الذي اصدره مسدسي البلاستيكي وإطلاقات تحتوي نوعاً من البارود، فكان السؤال العظيم: هل يُعقل أن يخاف رجل راشد من إستخدام حفيده للعبة أطفال!
والثانية: نقل وسائل الإعلام لطرق واساليب إحتفال الشعوب المتطورة لنتعلم منها ونتأثر بها بوعي أو غير وعي، فنحن نتعلم من الآخرين بسرعة، ولكن الخوف أننا نتعلم السلبيات فقط.
الثالثة: توفير بدائل صوتية آمنة للتعبير عن الفرح، فأغلب علماء التربية المختصين بالتعامل مع الطفل، يوصون الأهالي بتوفير بديل للعادة السيئة لطفلهم حتى ينشغل عنها بلعبة أو فعالية جديدة تنسيه الأولى، ونفس هؤلاء المختصين يقولون: إننا أطفال كبار!
كل ذلك لنتجنب الدعوات الكثيرة التي تقول : "إن شاء الله يخسر المنتخب العراقي حتى محد يضرب طلقات!"