الأحد، 11 أكتوبر 2015

كبرياء بغداد

كُتبت الكثير من المقالات عن الصورة التي تنتجها هوليوود عن العرب في أغلب أفلامها، ولكني لم أقرأ نصاً تخصص بمناقشة الصورة التي تعكسها الأفلام الأمريكية عن الشخصية العراقية في سلسلة من الأفلام التي تناولت الحرب الأخيرة عام 2003 تبدأ بـ Green Zone، The Hurt Locker وأخيراً American Sniper وغيرهم الكثير.
النظرة النقدية لعمل إنتج من قبل الأمريكان أو أي طرف خارجي آخر تدور كغيرها من القضايا في فلكي السلبيات والإيجابيات.
السلبيات عن الصورة المنقوصة التي تقدمها الأفلام مثلاً عن الفرد العراقي، وطريقة الكلام التي لا تطابق اللهجة العراقية، وعدم تطابق صفات المكان مع الواقع (والذي يشير بوضوح عبيط الى أن مواقع التصوير هي في المغرب العربي).
أما الإيجابيات فتتجسد في الصفات والمعالم العراقية التي تفرض نفسها على منتجي الأفلام، فمن خلال تلك الأفلام نستطيع أن نعرف نقاط قوتنا.
وحديثي هنا عن العمارة بالتأكيد، فقد نصاب بالتشوش الفكري والبصري نتيجة لفوضوية المدينة والحياة اليومية وتختلط علينا ممتلكاتنا الجيدة والسيئة فنستعين بعين جديدة تنظر لتلك الممتلكات لأول مرة فتستطيع تمييز الجيد والفريد منها لنركز عليه ونعيد دراسته مرة أخرى.
هذه الستراتيجية مألوفة في الحياة اليومية، تذهب لشراء قطعة ملابس أو حذاء مثلاً ونتيجة للخيارات المعروضة و(الفرفرة) المتواصلة في السوق لا تستطيع معها إختيار القطعة أو الحذاء المناسب لك (فتستعين بصديق) ليرشدك هو الى إختيار الصحيح نتيجة لعدم تشوش عينه وعقله (بـهوسة) السوق.  

وبدلاً عن الأفلام نجد (Pride of Baghdad) قصة مصورة للكاتب Brian K. Vaughan ورسوم Niko Henrichon وهي مستوحاة من قصة واقعية عن الأسد (Zill) وعائلته (صفا، نور والشبل علي) في حديقة حيوانات بغداد في متنزه الزوراء.


تبدأ القصة مع بداية الهجوم الأمريكي على بغداد عام 2003 وتنتهي مع نزول القوات الأمريكية على الأرض.
بالتأكيد لا أريد إفساد متعة قراءتها، فهي تحتوي على العديد من الصراعات والحوارات التي تحمل معاني معلنة أو مبطّنة. لعلها صورة أمريكية جديدة لقصص كليلة ودمنة التي تناقش قضايا حياتية على لسان الحيوانات المتنوعة.
وبالعودة على موضع إهتمامي (العمارة) أحببت أن أشير لمعالم معمارية بغدادية تظهر بوضوح في خلفية الصورة وبيئتها المكانية، معالم قد نجهل الكثير عنها نحن سكنة بغداد ولكنها وقفت بوضوح أمام أعين كاتب ومصور القصة وهي تستحق منا إعادة الدراسة والإستكشاف.
-       قوسي ساحة الإحتفالات (قوس النصر) وهو من تصميم الفنان خالد الرحال وقد كتب عنه معد فياض في جريدة الشرق الأوسط :
قوس النصر، الذي يمثل كفي الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وهما تمسكان بالسيف العربي، ومتقابلتين لتشكلان في تشابك السيفين من الأعلى صورة قوس، حيث يقوم هذا القوس عند مدخل ومخرج ساحة الاحتفالات الكبرى في منطقة الحارثية، بجانب الكرخ من بغداد. وقد تم تقديم التصميم  ضمن مسابقة شارك بها عدد كبير من الفنانين العراقيين، إلى دائرة الفنون التشكيلية نهاية عام 1983 بناء على دعوة من رئاسة الجمهورية لتصميم قوس نصر عراقي تستعرض من تحته القوات المسلحة، وعرضت النماذج المشاركة في المسابقة جميعها على صدام حسين الذي أعجبته فكرة خروج ذراعه من الأرض وكفه اليمنى تمسك بالسيف العربي، فوافق عليها وأمر بتنفيذها، إذ تم إنجازه عام 1985.



-       برج متنزه الزوراء السياحي وهو من تصميم المعماري عدنان زكي امين (1931-2005(، يقول الدكتور إحسان فتحي: إن برج متنزه الزوراء يعتبر عملاً إنشائياً هاماً يرتفع حوالي 40 متر وفيه مطعم دائري على شكل قبة بصلية أثارت عدداً من الإنتقادات بسبب شكلها، الا أن هذا البرج يبقى الوحيد في العراق المصمم كلياً من معماري عراقي ويؤكد مهارة الراحل عدنان في التصدي لتصاميم جريئة ولعبه دوراً بارزاً في مسيرة العمارة العراقية.



-       مبنى بدالة السنك: وهو من تصميم المعماري رفعة الجادرجي، عام 1971 وقد تعرض للقصف في تلك الحرب ومن ثم تم إعادة تأهيله مرة أخرى، وهو يجسد بهيئته الخارجية الإسلوب المميز للجادرجي ويشكل أحد أهم بصماته في مدينة بغداد. وعلى الرغم من بعده عن موقع أحداث القصة الا أنه ظهر واضحاً في الخلفية وأعمدة الدخان تتصاعد منه.



تنتهي القصة بـ(زيل) وعلى وصفا ونور وهم على سطح بناية وأمامهم أفق مدينة بغداد بلون أحمر نتيجة للـ(عجاجة) المشؤومة، فيسأل علي أباه :
-       هل هذا هو الأفق؟
-       نعم .. نعم هذا هو.
تنفرد نور بالصورة وعلى الجدار أسفل منها أبو بريعص عراقي وتقول:
-       إنه جميل .. تلتفت الى صفا التي فقدت عينيها ... إعذريني صفا لقد نسيت أنك ....
-       لا تعتذري .. لقد سمعت وصفه الممل لهذه اللحظة مئات الآلاف من المرات، لذا فأنا أراه أفضل منكِ!
تلتفت صفا لـ(زيل) :
-       إذن ؟ هل يستحق كل هذا أيها الرجل العجوز ؟



كرااااك (صوت) ... يغمض زيل عينيه ليبدأ الفصل الأخير من القصة!     








الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

قصة الحقائب

قصصنا مع الحقائب تبدأ منذ وقت مبكر، من (الروضة والتمهيدي) لبعض الاشخاص ومن الصف الأول الأبتدائي للآخرين وأنا منهم. تفاصيل كثيرة لا أتذكرها حالياً ولكنني أستطيع أن أتذكر كل حقائبي الماضية.

ننفصل عنها في مرحلة فكرية وعمرية معينة، في بداية الدراسة المتوسطة نبدأ بإعتبارها خاصة بالأطفال! ونبحث عن حلول بديلة لحمل الكتب والدفاتر، حمل الكتب باليد المجردة، ربطها بـــ(لاستيكة)، أو أحزمة جلدية أو وضعها داخل (لفكس) يحمل صور أفلام أو شخصيات معينة (لفكساتي المفضلة، أحدهما بصورة إنديانا جونز والآخر لأبطال الديجيتل).

نعود لأحضان الحقيبة مرة أخرى عند البدأ بالدراسات العليا، وكأنها علامة للطالب كما هي الـ(T square) علامة لطالب الهندسة في مرحلة البكالوريوس والـ(lab coat) علامة لطلبة الإختصاصات الطبية.

كل هذا يستبق ظهور الكومبيوتر المحمول وحقيبته القسرية، فالحديث هنا عن الحقيبة التي تحمل الكتب والأوراق والتي نحاول بإختيارها أن تتضمن سمات جمالية بالاضافة الى وظيفتها.

ولإستخدامي ذلك النوع من الحقائب لثمان سنوات، وكوننا مشاركين في عالم شبكي يعتمد على التدوين لنشر ومشاركة المعرفة في كافة مجالات الحياة وبخبرات محلية، فكرت أن أكتب مشاكلي مع الحقائب متمنياً أن يستفيد منها الآخرين ممن شاركوني معرفتهم من غير مقابل وأرد لهم بعض الدين و(فيد وإستفيد).

والأهم هو تحديد معاييري لإختيار الحقيبة عن الشراء، وهو المعيار الجمالي وبالتحديد أن لا تكون الحقيبة مستهلكة، تشاهدها بأيدي الكثير من الناس ومتوفرة في كافة معارض الحقائب. أي أن تكون متميزة وهذا المعيار كان السبب في شراء الكثير من الحقائب الفاشلة وظيفياً ولأسباب سأدرجها لأخذها بنظر الإعتبار عن شراء الحقيبة مستقبلاً:

-       عدم إحتواء الحقيبة على مسكة لليد يعتبر أمر سلبي لأن الإعتماد على حمالة الكتف يسبب الكثير من الطيات في الملابس عند منطقة الكتف وخاصة عند عدم إرتداء سترة سميكة لا تتأثر بضغط الحمالة، وبذلك فأن ذلك النوع من الحقائب يسبب تشوه في الملابس وخاصة الرسمية منها.

-       عندما حاولت شراء حقيبة شرط إحتوائها على مسكة اليد واجهت مشكلة أخرى، أن تكون تلك المسكة مرتبطة مباشرة بغطاء الحقيبة فقط، وعند وضع الأغراض فيها سوف يؤدي الثقل الى فتح (طباكَة) الحقيبة التي تربط الغطاء بجسم الحقيبة، وعدم إمكانية حملها من مسكة اليد والعودة الى حمالة الكتف والمشكلة الأولى.

-       التجربة الثالثة بحقيبة تجاوزت بها المشكلتين السابقتين ولكن لم أجد سوى حقيبة تحتوي على مساحة من الجلد بنقشة، وسحابات جانبية، ولكن ما واجهني هو أن عدد من الأصدقاء أعتبروها حقيبة نسائية وليست رجالية ! فالصورة المجتمعية للحقيبة الرجالية يجب أن تكون (سادة) قليلة التفاصيل.

-       في المحاولة الأخيرة وقعت في مشكلة أخرى، وهي أرتباط مسكة اليد بالجزء الداخلي من جسم الحقيبة وهذا الجزء يرتبط بالمحيط الخارجي الرئيسي للحقيبة (بطباكَات) مغناطيسية، وعند وضع الأغراض فيها سوف تتفتح تلك (الطباكَات ويتشوه شكل الحقيبة بوضوح) (تبوّط) !


وبما أنني في وقت ما سوف أجرب مرة أخرى شراء حقيبة جديدة وأن أخذ كل ما سبق من مشاكل بعين الإعتبار، فأعتقد أن الطريقة المناسبة هو أن أطلب من البائع قبل الشراء تجربة الحقيبة ووضع الأثقال فيها وعدم الإعتماد على شكل الحقيبة والحلول النظرية للمشاكل السابقة  وكما يقال (التجربة اكبر برهان).