الأربعاء، 27 يوليو 2016

الكوميديا العراقية





الجحيم:
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، سيارة بداخلها خمسة رجال تصل لسيطرة مدخل المدينة:
-       الجندي: ممكن هوياتكم ؟
-       السائق: إلا هوياتنة كلنة ؟
-       الجندي: جيب بطل مي وعوف الهويات !   

المُطّهر:
 باص ملئ بزوار من الباكستان للعتبات المقدسة، سيطرة تفتيش لدخول المدينة، يؤشر الأريل العظيم على الباص براكبيه وأمتعتهم، الحقيبة الأولى، يفتحها الحارس، يحضر الكلب المختص، يبعثر الملابس، يرتطم لسانة المتدلي بمحتويات الحقيبة:
-الضابط: ها شطلع بيهة؟
-الجندي: والله سيدي ما ادري اشو مليانه بهارات وعطور!
-أحد المارة: هسة الجلب يطلع الملابس الداخلية ...

الجنة:
الساعة العاشرة والنصف مساءاً، مقبرة دار السلام، (فلينة) مليئة بالثلج وقناني الماء البلاستيكية:
-       المنادي: رحم الله والديه الي يشرب مي ويقرة الفاتحة ...
-       الأول: وين نذب البطل الفارغ؟
-  الثاني: يمعود دشوف الكاع مليانة!






السبت، 2 يوليو 2016

محاكاة منهج المعمار رفعة الجادرجي بمعطيات العمارة المعاصرة

مشروع مكتب مهندس معماري لطلبة المرحلة الأولى

يمثل المشروع النهائي في مادة التصميم المعماري للمرحلة الأولى مفصل الإرتباط بين معرفة العناصر والعلاقات والمبادئ التصميمية الشكلية (التكوين الهندسي المجرد ثنائي وثلاثي الأبعاد) والتعرّف على المتطلبات التصميمية لتلبية الحاجات الإنسانية (النفعية، الرمزية والجمالية) من خلال الناتج المعماري.  

لذا توجه الكادر التدريسي نحو تصميم منهج تجريبي، يعتمد على دراسة وتحليل منهج المعمار رفعة الجادرجي في إنتاجه لمبانيه  مع تحديث مصادر المعرفة المعمارية (الأشكال وتوظيفها لخدمة قضايا العمارة) المعتمدة فيه بما يتناسب مع التوجهات الثقافية والمعمارية المعاصرة وطبيعة التكوين الفكري للفئة العمرية الشابة التي يمثلها طلبة المرحلة الأولى للعام الدراسي 2015-2016.

الإطار العام لهذا المنهج تمثله ثنائية (المحلي-العالمي)، تلك الثنائية التي بدأت الحركة بين طرفيها منذ عودة رعيل المعماريين العراقيين الأول من الدراسة في الجامعات العالمية لينتج كلاً منهم نتاجاً يعبر عن ميل ذلك المعمار لأحد الطرفين. ومنهجنا المقترح هو محاولة جديدة للحركة بين الطرفين في وقت يمتاز بتعاظم قوة وتأثير الطرف العالمي مقابل إنحسار الجانب المحلي، وذلك نتيجة واضحة لتسلّح الخطاب العالمي بوسائل الإعلام المتعددة (على المستوى الفكري العام وفكر العمارة بصورة خاصة).
ومن دراسة المعطيات الإجتماعية والفكرية المعاصرة أصبح من غير المنطقي الدعوة للميل التام نحو الطرف المحلي (الضعيف) والإبتعاد عن الطرف العالمي وغض النظر عنه، وذلك لأن هذه الدعوة لن تتمكن من إقناع الأجيال الشابة المنخرطة في المظاهر العالمية السائدة. لذا أصبح هدف المنهج هو محاولة للإلتفات نحو الطرف المحلي وعدم هجرته بصورة تامة كما يحدث مع الكثير من نتاجات الطلبة المعاصرة.
يمكن تلخيص وتبسيط تجربة المعمار رفعة الجادرجي (وبما يتناسب مع مستوى التطبيق للمرحلة الأولى) بذكر مصادرها الفكرية والمعمارية، والتي برزت بدورها شكلياً في نتاجاته النهائية، وتتمثل تلك المصادر بـ:
-النشوء والحياة ضمن عمارة المدينة التقليدية.
– الدراسة الأكاديمية المعمارية في أنكلترا والتعرض لفكر العمارة الحديثة.
- العودة الى المدينة التقليدية ومحاولة تحديثها من خلال:
-دراسة وتحليل عناصر المساكن والأزقة التقليدية
- دراسة وتحليل الأعمال الفنية والمعمارية العالمية المعاصرة له، أعمال الفنان بيت موندريان والمعمار لي كوربوزيه مثالاً.  وأخيراً تركيب نتاج جديد يعتمد على الحركة بين الطرفين.

لذا حدد منهجنا مصدرين أساسيين يمثلان ثنائية (المحلي- العالمي):
الأول: تكاملاً مع المنهج المعتمد في العام الدراسي الحالي 2015-2016  لدراسة عناصر وعلاقات ومبادئ التكوين الهندسي والذي ينطلق من تحليل وإعادة تركيب لوحات فنية لفنانين عالميين والتي كانت بدورها مصادراً وموجهات لأعمال معماريين عالميين معاصرين لهم، إنتخب منهجنا مجموعة من اللوحات الفنية (46 لوحة) والتي تعبر بصورة واضحة وصريحة عن مدينة بغداد بصورة خاصة والعراق بصورة عامة. وتعرف تلك اللوحات في إصطلاح الثقافة السائدة (بغداديات) وهي متوفرة بكثرة في نتائج محركات البحث على شبكة الأنترنت. تتضمن تلك اللوحات بمجموعها صورة متكاملة عن كافة العناصر التي تعبر عن المدينة المحلية (هوية مدينة بغداد) وتتراوح بين العناصر الطبيعية، المصنعات الإنسانية، العناصر المعبرة عن الجوانب الروحية والإجتماعية وبالتأكيد العناصر المعمارية والحضرية.



(نماذج Federico Babina في الجمع بين أعمال الفنانيين والمعماريين المتأثرين بهم والتي تم الإعتماد عليهة في دراسة عناصر وعلاقات ومبادئ التكوين)





(نماذج من اللوحات المنتخبة كمصدر للعناصر والرموز المحلية)

 الثاني: التوجه السائد في العمارة المعاصرة، والذي نتعرض لنماذجه من خلال البحث والتصفح على شبكة الأنترنت، تمتلك نماذج ذلك التوجه الكثير من العناصر والعلاقات والمبادئ الموحدة ولكن من غير تسميته بتسمية واضحة أو التنظير له معمارياً، هو أقرب للـ(مودة) في العمارة المعاصرة وأسميناه مبدئياً: عمارة (السطوح الحرة) وذلك نتيجة لـ(تفكيك الكتل الى سطوحها المتعددة، إستخدام سطوح متداخلة ومتراكبة، التركيز على المفاصل بين السطوح والكتل، الإهتمام بتنوع مواد الإنهاء وأخيراً الإعتماد على زوايا متعامدة فقط دون درجات زاوية أخرى). وقد تم إنتخاب (56) نموذج كمرجعات للطلبة أثناء العمل على المشروع.




  
(نماذج من التصاميم المعمارية المعاصرة ) 

وكان التركيز على وعي الطلبة بطبيعة المنهج المتبع وكونه إمتداداً لتجربة المعمار رفعة الجادرجي لذا تم تزويدهم بالمعرفة النظرية والصورية للتجربة وتوضيح أسباب إنتخابها كموجه للمنهج كونها التجربة المتكاملة نظرياً وعملياً من خلال مؤلفاته وطروحاته التي تفسر النتاجات وتجعل قراراته معلنة على الرغم من إحتوائها على ذاتية عالية.





(نتاجات المعمار رفعة الجادرجي)

وأخيراً إتبع المنهج سلسلة من الخطوات في دراسة وتحليل المصادر السابقة ومن ثم البدأ بمرحلة التصميم ضمن المراحل الأولية وقبل النهائية والنهائية للمشروع:
-عرض فكرة المنهج بصورة أولية لتهيئة الطلبة للعمل ضمن خطواته.
-مناقشة وتحليل عناصر اللوحات الفنية المحلية (أسباب ظهورها في اللوحات، دلالاتها، تصنيفها، كيفية إمكان توضيفها معمارياً).
-مناقشة وتحليل عناصر النماذج المعمارية العالمية (المودة)، (القرارات التصميمية السائدة، نقاط القوة، عناصر تميزها عن نماذج معمارية أخرى).
-مناقشة وتحليل تجربة رفعة الجادرجي (إستعراض نماذج سابقة له، طبيعة تحديثه لتلك النماذج، المصادر العالمية التي اعتمدها للتحديث).
-وأخيراً مرحلة البدأ بالتصميم، وقد إعتمد الكادر التصميمي فيها على النقد الجماعي لأعمال الطلبة والنقد الفردي بعد الإتفاق على تفصيلات المنهج من قبل أعضاء الكادر والمناورة ببعض الجوانب الذاتية لهم.
قدم الطلبة نتاجاتهم النهائية والتي حققت حالة وسطية بين التنظير المثالي السابق للمنهج وبين النتاجات غير المتبعة لمنهج معين. وتزودنا النتاجات بإستنتاجاً عن إمكانات عناصر العمارة المحلية وكيفية تلقيها والإستفادة منها من قبل المعماريين الشباب يتمثل بـ: ظهور مفردتي الفناء الوسطي والقوس (نصف الدائري تأثراً بتجربة الجادرجي)، كأبرز عنصرين من الطرف المعماري المحلي في تصاميم الطلبة، ولا يمثل ذلك جديداً لما سبقنا من تجارب أكاديمية وعملية، ويمكن تبرير ذلك بحقيقة حضور وقوة العنصران السابقان لذا يقتضي منا التركيز عليهما في الدراسة والإستفادة التخطيطية والشكلية، علاوة على قناعات اعضاء الكادر التدريسي بهما والتي كانت الموجه لنتاجات الطلبة في النقد الجماعي والفردي.
 ولم يغب خلال ما سبق التركيز على المتطلبات الوظيفية للمشروع وطبيعة التعامل مع عناصر الموقع المقترح ومتطلبات الإظهار الهندسي والفني للمخططات والمقاطع والواجهات.














مجموعة من النتاجات النهائية للطلبة

الكادر التدريسي لمادة التصميم المعماري:

الدكتورة أنوار صبحي
الدكتور شهاب أحمد
الدكتورة أسيل إبراهيم
سرى قاسم
بلال سمير
فيان عبد البصير
طيبة عبد الله 
حارث خليف
سحر رياض













السبت، 14 مايو 2016

تعبير


الحرية ... هي أن تشتري ألوان وتمسك فرشاة، بعدها ... تلتزم بمبادئ أو لا تلتزم، تنتج فناً او لا فن، تعرض الناتج أو تصفّه في ركن الغرفة.
المهم ... حركات يد، نابعة من قلب وعقل، مصحوبة بوقت صامت للتفكير.



 01
التفاحة الأولى
02
هنّ ولولا هن
03
قشّة
04
مأزوم











الأحد، 1 مايو 2016

ركض الفيل ورفّة الفراشة

أولاً: لكل مهنة يمارسها الإنسان، هموم ومشاكل وجدليات. جرّبها ويعرفها ممارس تلك المهنة بالذات، أما الآخرين فأغلب تصريحاتهم من خارج المهنة غير دقيقة و(أيّ كلام).
ثانياً: في كل مهنة يمارسها الإنسان، هناك الـ(خوش) والـ(مو خوش).
ممارس مهني يلتزم بقواعد تلك المهنة ... وممارس (ميخاف الله) بغياب القانون.
هسّة نبدي ...

ولأن أغلبنا قد سمع بأثر رفّة الفراشة فلنبدأ بها أولاً على الرغم من أن ركض الفيل أكثر أهمية.
في نظرية الفوضى يُضرب مَثَل لتوضيح أثر التغييرات البسيطة جداً في الأنظمة على نتائجها النهائية بمرور الوقت، هذا المثل هو: أن رفرفة فراشة في مكان ما في الكرة الأرضية في الصين مثلاً، قد تساهم بعد سنة بتكوين إعصاراً في مكان آخر، في أمريكا مثلاً!
ويتم التركيز على مفردة (تساهم) وليس هي (رفرفة الفراشة) السبب في ذلك الإعصار، فقد يحصل بأثرها اليوم وليس غداً وقد يحصل بأثرها في منطقة دون منطقة أخرى مجاورة لها.

لماذا رفرفة فراشة وليس رفرفة نحلة أو فرس النبي؟
إن إختيار الفراشة إعتمد على قصة خيال علمي للأديب الأمريكي (راي برادبيري) بعنوان:
 (a sound of thunder) عن الرجوع الى الماضي في رحلة صيد عن طريق كبسولة زمنية، على أن يتم إصطياد حيوان سيموت وينقرض لأسباب طبيعية لاحقاً، لذا فإن قتله لن يغير أي شي في المستقبل، ولكن نتيجة لدراما قتل أحد أنواع الديناصورات يخرج البطل عن المسار المخصص للمشي على أرض الماضي (ممشى معلّق لا يلامس الأرض للحفاظ على الماضي كما هو) فتطأ قدمه فراشة وتقتلها، ليعود فريق الصيد الى زمنه ويجدوا أن نظامهم السياسي ولغتهم قد تغيرت بسبب قتل تلك الفراشة!



والآن ما علاقة كل هذا بالعمارة؟
إن أي طبيب أو طبيب أسنان يأخذ أجور محترمة من المرضى، يساهم بتحسين حال العمارة المحلية في المستقبل.
إن أي صيدلاني يبيع الأدوية بمبالغ محترمة يساهم برفع مستوى عمارتنا في المستقبل.

ولتوضيح ذلك:
 تم في هذا العام الدراسي قبول 70 طالب في قسم هندسة العمارة ...
أما اللذين سيكملون العام فهم 30 طالب فقط ...
وأغلب الآخرين إنتقلوا أو سيحاولون الإنتقال للتخصصات الطبية ...
وسببهم منطقي جداً: ضمان مستقبلهم.
فهم وآبائهم يراقبون سوق العمل، والأمر في هذه الفترة واضح، الفرق بين فرص التخصصات الطبية وفرص خريجي الهندسة المعمارية (مع الأخذ بنظر الإعتبار الفترة الزمنية الطويلة نسبياً التي هم بحاجة اليها في التخصصات الطبية).
وعلى فرض ثبات مستوى التعليم المعماري، فإن الـ(30) طالب سيحصلون على معلومات وإهتمام من الكادر التدريسي أكثر مما لو كانوا (70) طالب.
لذا فأن رفّة الطبيب والصيدلاني قد (تساهم) في تخرج طلبة عمارة تم الإهتمام بهم وحصلوا على الموارد المتوفرة لدى أقسام العمارة بدون منافسة كبيرة فيما لو كان عددهم الضعف وأكثر.
ولنأمل أن أحوال مهنة العمارة ستتغير في المستقبل وتعود الى سابق عهدها.

ومع وجود الـ(30) طالب ومحاولة التعامل معهم، يأتي دور ركض الفيل:
 يجب أن نعترف أن الأسلوب الشديد في التعليم المعماري (وحتى في التخصصات الأخرى) لم يعد له مكان. (الرزايل)، الصوت العالي و(ليش ممقدم؟) أصبحت لا تتلائم مع شخصيات الشباب الحالية. قد يلتزم الطالب نعم، ولكنه لا يحب ما يفعله، وهذا ينعكس على حب المهنة بأكملها.
ويجب أن نعترف أيضاً إن كل الأساليب المعاصرة البديلة تعتمد على رغبة الطالب بالتعلّم، على المادة الدراسية أن توجهه نحو الطريق ومصادر المعلومات، وعلى الطالب البحث ومحاولة حل المشكلات التي يتعرضها بإتباع خطوات ذلك الطريق.
والرغبة بالتعلّم هو ما يفقده الكثير من الطلبة اليوم، ويعود جزء من السبب بالتأكيد الى النظام التعليمي في مدارسنا الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية، فالطالب ينتقل لدراسة العمارة بعد أن تقولب بطريقة معينة نتيجة لإسلوب المعلم والمدرس غير المناسب.
إن إسلوبهم بمثابة ركض الفيل في تأثيره على نظام التعليم المعماري وبالتالي تهيئة معماريين يصممون البيئة العراقية المستقبلية.



 المثير في قصة (a sound of thunder) أن أغلب المسافرين الى الماضي يطمحون لتغيير حدث، مما يحسّن الحاضر والمستقبل، ولكن في القصة الهدف هو عدم تغيير أي شي!

 لو توفرت لدينا تلك الكبسولة وإستطعنا السفر الى الماضي لتغيير حدث أثر سلباً على العمارة العراقية، وبتغييره ستعود العمارة حالياً، ملائمة، جميلة وتعبر عن المدينة وأهلها، فماذا سنغير ؟


ماذا سنغير ؟











الجمعة، 1 أبريل 2016

ليلة الوحشة

لا مشروع نزوره، لا جنازة أو مأتم نحضره ولا قبر نقف عليه ...
كون وفضاء وأرواح ...
ليست بحاجة لتعريف ولا ذكر لعدد مشاريعها وأسمائها ومواقعها.
لقد تفاجأت نعم ... مفاجأة لدقائق فقط ولكني لم أتأثر كثيراً لأنني كنت قد بكيت (دمّعت) صباح الخميس لسبب مشابه.
بعيداً عن دراما الحاسة السادسة وغيرها ... بدأت بتصفح كتاب بيكاسو وستاربكس لياسر حرب بعد أن قال لي سائق التكسي (الله بالخير)، وبسبب تفكير سابق بالموت جذبني من الفهرس عنوان (آخر لحظات في حياته).
عن رجل ينشغل بالعمل عن كل شي (فبعد أن سلبته الحياة إنسانيته ومنحته مقابل ذلك مادياتها التي لا تنتهي) ليصاب أخيراً بمرض عضال (ولكنه لايعرف إن كان الناس سيذكرونه بعد رحيله أم أنه سينتهي جباناً كما تنتهي الشاة، وسيبقى مجرد إسم بارد كشط باللون الأحمر من دفتر العائلة والسبب، الوفاة).
( صحيح أن الموت يفتح باب الشهرة ويغلق باب الحسد، كما تقول الحكمة، ولكنها حكمة للعظماء فقط، وهو بعيد كل البعد عن العظمة، وعن الحكمة أيضاً).
(في آخر لحظات حياته طلب من أمه أن تكون الى جانبه مثلما كانت الى جانبه حينما ولد ... وطلب من أبيه عندما يسمع آخر تأوه له أن يفرق صدقة على الممرضات مثلما فعل عندما سمع أول صرخة له ... وطلب أيضاً من زوجته أن تخبره عن إسم الفصل الذي تدرس فيه إبنته). (إنتهت الإقتباسات)
ومن حسن حظي كنت أرتدي نظارتي الشمسية.
هي عظيمة ولكن ماذا عنّا ؟
نسمع دائماً أن لاعب كرة القدم أو أي رياضة أخرى من الضروري أن يعتزل وهو في قمة عطاءه ... صحيح أنها لم تختر الإعتزال ولكن، كأن الله سبحانه أراد أن يكتب قصتها بأفضل خاتمة ...
ماذا عنّا نحن اللاعبين في الفرق الشعبية ؟
إنتظرت حتى الصباح لأنني قرأت أن الخبر قد يكون إشاعة !
وجدت الخبر على الـBBC  ...
من بين المعلومات المكتوبة والتقارير واللقاءات جذبني لقاء ريكاردو كرم معها في برنامج (وراء الوجوه)، إستمعت لهما ساعة، إجاباتها، سكوتها، تعابير وجهها ...
ليس الفكرة أنها تصبح معصومة بعد موتها وننسى نقاشاتنا وملاحظاتنا حول فكرها ونتاجاتها، ولكننا يجب أن نستفيد من خطاها نحو العالمية والنجاح.
أعرف أن نسبة وصولنا للعالمية معدومة، ولكن من الممكن أن نترك أثراً في هذا العالم، يذكرنا الناس بعد رحيلنا المحتوم.
ومن الحوار السابق توضح هي أسباب نجاحها، العمل الدؤوب، الجهد الحثيث والأهم الأهم ولن أذكر هنا أسباب غيره هو الخروج عن المألوف (العادات والتقاليد في العمارة) قد نتفق أو نختلف مع طريق خروجها، ولكن الخروج هو السبب الأوحد للنجاح والخلود، لا أحد يذكر التابعين، المنفذين لأفكار غيرهم.
تقول:
-جئت للعمارة بنظرة جديدة، ضد من كان يعتقد أن كل شئ قد تم إنجازه.
 -إذا كنت تظن بوسعك تخطي العوائق ستحقق المزيد.
-إعادة النظر في كل شئ وكانت لحظة مثيرة للإهتمام رغم إنها كانت صعبة للغاية لأنها كانت بالضرورة تعني إبتكار المبادئ المطلوبة.
الزبدة: أن نثور على العادات والتقاليد في الحياة وفي العمارة، أما على ماذا نثور بالتحديد وبماذا نلتزم؟ كيف نثور وما هي البدائل؟ فهنا يبدأ الجدال.
على الأقل يفترض أن نحدد ثوابتنا، مبادئنا ثم نثور على كل ما لا يتعارض معها، وأنا أعرف أن هذه الفكرة  تحتمل الكثير من النقاش أيضاً.
واليوم بالتحديد أردت أن أستذكرها بطريقة غير مألوفة، ليس بالكتابة فقط أو الحديث مع الأصدقاء ...
تتذكر هي بغداد بكونها مكان مذهل، أناس رائعون ومجتمع منفتح جداً، مرح ... لذا خرجت أبحث عن بغدادها المذهلة ...
فكرت بساحة الميدان، بتلك الأغراض المجهولة، لا تعرف مصدرها ولا تعرف ما مرت به من أماكن ومن إمتلكها، هي تمثل آلة تسجيل صامتة، قد يكون مصدر الفكرة رواية (فهرس) للروائي سنان أنطوان: لكل كائن منطق، ولكل أداة أو غرض منطق، منطق الطير، منطق الألبوم، منطق الجدار ومنطق التنور.


عثرت بين الأغراض، على كارت (معايدة) يظهر الواجهة النهرية للمدرسة المستنصرية طبع بموافقة وزارة الإعلام بتأريخ 6/4/1975، كان يرسل الى الأصدقاء في الخارج، وعثرت على دلة نحاسية قديمة لصنع القهوة، بالتأكيد كانت تشرب القهوة، أليست معمارية وتسهر الليالي؟


توجهت بعدها الى جسر الشهداء، وقفت أمام المنظر الموجود على المعايدة بالتحديد، منتصف الجسر، الماء الطيني، (هوة عالي) طيور النورس وقوارب الشواكة.


رميت المعايدة في الهواء ... حملتها الرياح تقلبت، تقلبت ثم إستقرت بوجهها على صفحة الماء، رميت الدلة بعدها، عندما إرتطمت بالماء لم تظهر مرة أخرى.


تخيلت أنني أضعهما على نعشها أو قبرها، ولكنني رميتهما في دجلة، النهر الشاهد على بغداد التي تحبها.
أضفت حدثاَ لمنطق المعايدة ومنطق الدلة سيرويانه يوماً ما، والسبب فقدانها ومحاولة تكريمها بطريقة غير مألوفة.






ليلة الوحشة: هي أول ليلة ينام فيها الفقيد في القبر.