سلاح المهندس المعماري
عندما نفكر
بالتحديات فاننا ننجرف غالباً دون وعي الى التشبيه بالحروب، قد تكون حالة ذهنية طبيعية
لأفراد في مجتمع يتنفس الحرب، اختر اي كتاب يتحدث عن تاريخ المنطقة التي نعيشها،
واختر أي نقطة بداية لتجد أن الفترات الفاصلة بين كل حرب وأخرى تُعد سنواتها على
عدد الاصابع.
اتذكر مسطرة الرسم (T square) الاولى
التي استخدمتها في رسم مخططاتي المعمارية، ولا زلت امتلك الـ(T square) الثانية، والحقيقة
لم أشترِ أي منهما، ففي وقت كان للممتلكات قيمة، فإن تلك المسطرتين كانتا لاقاربي
قبلي وانتقلتا لي بعدها. ومن حسن الحظ سابقاً أن المسطرة الاولى نفسها استخدمت في
دراسة العمارة في الثمانينات والمسطرة الثانية استخدمت في التسعينات لأستخدمهما
أنا في بداية القرن الواحد والعشرين، الفكرة تشابه توريث نفس السيف ليقاتل به الجد
والاب ومن ثم الابن.
أما اليوم فقد ازدادت الحروب الحقيقية والحروب المعمارية
تعقيداً، لم تعد المسطرة (التي تشبه السيف حقيقة) كافية للبقاء على قيد الحياة،
نحن بحاجة الى اسلحة متطورة تقوم بعشرات المهام في وقت واحد، وسلاح اليوم يصبح اقل
كفاءة للاستخدام في حرب الغد.
وبعد أن كان يُعرف طالب هندسة العمارة في الشارع عن طريق
حمله للفة اوراق ومسطرة رسم طويلة، أصبح يعرف عن طريق حمله نفس لفة الاوراق وحقيبة
الكومبيوتر المحمول.
ينطلق منهج مادة
الحاسبات في المرحلة الاولى لهندسة العمارة من سؤال:
ماهي مواصفات (السلاح– الكومبيوتر المحمول) الذي يحتاجه طالب
العمارة لخوض (الحروب-التحديات) المعمارية لخمس سنوات قادمة؟
ولأننا نعيش زمن الشبكة التي تجمع الجهود الانسانية سوية،
فمن غير المنطقي عدم البحث عن الاجابة في محرك البحث Google، ولأننا
نفضل المصادر المرئية والمسموعة فنخصص البحث، لنجد جهداً رائعاً للاجابة عن
مواصفات السلاح المطلوب، حيث يحدثنا المعمار الامريكي
(Eric Reinholdt) في مقطع بعنوان:
How to Choose a Computer for Architecture
ويحدثنا ايضاً طالب العمارة لؤي في مقطع بعنوان:
هل اختيارك للابتوبك مناسب لهندسة العمارة؟ نصائح لشراء لابتوب جديد
واذا كانت الاجوبة في المقطعين تمثل الحالة المثالية
الافتراضية فما هي الحالة المتحققة الواقعية؟
ماهي مواصفات الكومبيوترات التي يمتلكها طلبة العمارة
فعلاً؟
وهل لمعرفة الواقع أهمية؟ ليمتلكون ما يمتلكون ...
لنعد مرة اخرى الى Google ونبحث هذه
المرة عن مفهوم (مجتمع المعرفة)، سنحصل على 524 الف نتيجة بحث وجميعها توضح اهميته
وضرورة تأسيسه والتحول اليه في مجتمعاتنا المحلية، ولكن ماهو مجتمع المعرفة؟ بلغة بسيطة وبمفهوم
عام :هو المجتمع الذي يجمع افراده ما يعرفونه في موضع معين وتكون تلك المعارف
متاحة للجميع لاستخدامها في اتخاذ القرارات وتحقيق ما ينفعهم في تفصيلات حياتهم
اليومية.
فعندما امتلك Eric ولؤي وغيرهم معلومات عن مواصفات الكومبيوتر الملائم
لدراسة العمارة ووضع كلاً منهم تلك المعلومات على شبكة الانترنت واستطاع كل طالب
عمارة في العالم رؤيتها اولاً وبالاعتماد عليها ثانياً قرر شراء نوع معين من
الكومبيوترات المحمولة لنصل الى النتيجة النهائية وهي عدم ذهاب امواله هباءاً بشراء مواصفات
غير ملائمة وانما سيستفيد من كل دولار صرفه في شراءها، وهذه هي غاية مجتمع
المعرفة.
وعلى المستوى المحلي هل سنستمر بالمشاركة الاستهلاكية في
مجتمع المعرفة فقط؟ أم نستطيع ان نشارك في صناعة المعرفة ونصبح منتجين لها وذو
اهمية في مجتمعنا الذي يخطو خطواته الاولى في مواكبة الانظمة العلمية العالمية؟
اراد مهندس معماري حديث التخرج أن يفتتح مشروع لتوفير
البرمجيات المعمارية للطلبة والمهنيين زيادة على صيانة كومبيوتراتهم وتوفير قطع
الغيار والاكسسوارات لها، هو على وشك اتخاذ قرار بشأن مواصفات البرمجيات والاجهزة
التي سيستوردها، ولكي يكون قراره كفوءاً يجب ان يعتمد على معرفة سابقة بمواصفات
الحاسبات التي يستعملها طلبة ومهنيي العمارة فعلاً.
واراد وكيل شركة عالمية لصناعة الكومبيوترات معرفة طبيعة
زبائنه في العراق ليتخذ قراراً بشأن الاتجاه الذي سيسلكه في تطوير منتجاته، وقبل
ان يتخذ هذا القرار ايضاً عليه أن يعرف طبيعة تخصصات زبائنه وكيف يلائم منتجه
لتخصص معين دون آخر.
وهنا قرر طلبة المرحلة الاولى في قسم هندسة العمارة
الجامعة التكنولوجية للعام الحالي 2017-2018 وللدراستين الصباحية والمسائية
المشاركة الفعالة في مجتمع المعرفة وتوفير المعرفة لكل من يليهم من الطلبة او
المهنيين او مختصي الكومبيوترات في السوق المحلية، وذلك عن طريق تصميم استمارة
استبيان تتضمن عديد من الاسئلة المستوحاة من المقطعين السابقين، وتم تقسيم طلبة
المرحلة الى مجموعات كل واحدة منها مسؤولة عن جمع وتنظيم المعلومات الخاصة بمرحلة
من المراحل الاربعة التي تسبقهم (الثانية والثالثة والرابعة والخامسة)، لتصبح
النتيجة النهائية:
الواقع الخاص
بالكومبيوترات المحمولة لطلبة هندسة العمارة في الجامعة التكنولوجية، وتم تحوليها الى مخططات
بيانية يمتلك اولياتها طلبة المرحلة الاولى في حال رغبة جهة معينة الاستفادة من
تفاصيلها كما انهم على اتم الاستعداد لعمل استبيانات ذات طبائع أخرى تحتاج نتائجها
جهة معينة لاتخاذ قرار كفوء يدر عليها المنافع العلمية والمالية.