(التحدي) بين تسويق الكتب
والعمارة
كتب علي الوردي قبل مقدمة كتاب (خوارق اللاشعور) التحذير
التالي :
إن هذا كتاب ربما ينفع الراشدين من الناس – أولئك الذين
خبروا الحياة وأصابهم من نكباتها وصدماتها ما أصابهم. أما المستجدون والمدللون
والأغرار الذين لم يمارسوا بعد مشكلة الواقع ولم يذوقوا من مرارة الحياة شيئاً
فالاولى بهم أن لا يقرأوا هذا الكتاب ... إنه قد يضرهم ضرراً بليغاً.
وكتب ديل كارنيجي في توصيف كتابه (دع القلق وإبدأ
بالحياة) التوضيح التالي:
وبعد- فإنك لم تشتر هذا الكتاب لتقرأ كيف كُتب، بل إنك
تتطلع الى التنفيذ. وهذا حسن. فلتبدأ بالقراءة ... وأرجوا أن تقرأ الصفحات الخمسين
الاولى من هذا الكتاب ... فإذا لم تشعر بعدها أنك أحرزت قوة جديدة للقضاء على
القلق والإستمتاع بالحياة ... فطوح بهذا الكتاب في سلة المهملات ... فلا خير لك
فيه !
من منا يعترف أنه مستجد لم يمارس بعد مشاكل الواقع ولم
يذق مرارة الحياة؟
ومن لا يطمع بالقضاء على القلق والاستمتاع بالحياة؟
إن العارف لشخصيتي الوردي وكارنيجي وإختصاصهما في علم
الإجتماع والعلاقات الإنسانية يدرك إنهم الأكثر معرفة بطبيعة الإنسان وما يحركه
ويدفعه لإتخاذ القرارات في حياته.
والرغبة في قراءة الناس لكتابهم وشراءه طبعاً رغبة مشروعة
جداً ودافع لكي يكمل الكاتب مسيرته.
لذا إستخدم كلاً منهم تحدي أو إستفزاز القارئ ...
ومعنى التحدي، كما يخبرنا (Google): الدعوة الى فعل شئ مع (التلميح) الى عدم القدرة على ذلك.
أما معنى الإستفزاز فهو: إخراج المرء عن طوره، إثارته
وإزعاجه ودفعه الى الغضب.
لذا فمحاولتهم أقرب الى التحدي من الاستفزاز، فالوردي
يقول: أنت مدلل لذا لا تقرأ كتابي ... فأقول: كلا أنا لست مدلل وسأقرأ كتابك لأثبت
لك ذلك.
وكارينجي يقول: أنت لا تريد أن تتخلص من القلق، ولا تريد
أن تستمتع بالحياة، وإذا كنت تريد فأقرأ على الأقل خمسين صفحة ... فأقول: بالطبع
أريد التخلص من القلق وسأشتري الكتاب وأقرأه حتى النهاية.
إذن هي حيلة تسويقية مشروعة، خاصة عندما يكون للكتاب
محتوى جيد كما في المثالين، وتكون تلك الحيلة مبتذلة جداً لو كان الكتاب خاوي
ومستهلك.
والآن كيف نستفيد من هذه الفكرة في تسويق العمارة ؟؟
كيف نتحدى الزبون لندفعه الى التعاقد معنا لتصميم مبناه؟
وكيف نتحداه بعدها لينفذه على أرض الواقع؟
ما أعرفه هو أن الأمر أكثر تعقيداً من الكتب، فأنا أقبل
التحدي وأشتري الكتاب بعدد مقبول من آلاف الدنانيير، عشرة أو خمسة عشر ألف دينار
... ولكن ماذا عن تكاليف التصميم والتنفيذ؟
هل سيكون التحدي دافعاً كافياً ليدفع الزبون الملايين؟
وماذا سنقول له لإستفزازه ودفعه لقبول التحدي؟
حالياً لا أعرف، وأدعوكم للتفكير معي بمنطق أو إسلوب
مناسب لتحدي زبون العمارة كما يتحدى الكتّاب قارئ الكتب، وكما تحدى المحتالين
الإمبراطور وسكان مدينته في قصة ثوب الإمبراطور عندما قالوا له: سنصنع ثوب عجيب
يراه كل الناس الا الأحمق !