عن (حبي الضائع في بغداد)
ماهي المشكلة في هذا المكان؟ ما هي المشكلة الكامنة في
هؤلاء الناس؟
هل هو المناخ؟ أم الثقافة؟
أم أن المشكلة فينا؟
هذا مايقوله سكوت (مدير أمن بريطاني) متمتماً وهو يخطو
في المطبخ بعد فوز المنتخب العراقي لكرة القدم في إحدى مباريات كأس أسيا عام 2006 بعد
أن إستعادت مدينة بغداد أنفاسها من جديد وتوجهت بنادق الكلاشنكوف نحو السماء.
أما رانيا فتقول: إنها لا تستطيع أن تفهم العراقيين،
وإن جدتها تلقي اللوم كله على نهر دجلة!
فحين كانوا أطفالاً (العراقيون) شربوا من ماء نهر دجلة
فحولهم الى أشخاص غريبي الأطوار.
ما أروع أن نحيا بعد الموت .. إنه لرائع فعلاً أن لا
يكون الإنسان ميتاً .. إنه لمدهش أن أجد نفسي حياً أرزق وأنا أطير بإتجاه الوطن،
كانت الموسيقى تصدح في اذني وأنا أطفو رويداً رويداً بعيداً عن الحرب ... تباً
لبغداد... وهذا ماقاله
مايكل هيستنغز وهو على متن الطائرة المغادرة لبغداد بإتجاه دبي في إكتوبر عام
2005.
ومايكل هيستنغز هو صحفي وكاتب أمريكي عمل في العراق كمراسل
لمجلة نيوزويك وموقع Buzz Feed بعد دخول القوات الأمريكية
عام 2003، ليكتب لنا (حبي الضائع في بغداد، قصة حرب معاصرة)، و(منها الأقتباسات
السابقة).
عثرت على القصة بين مئات العناوين الأخرى في الشارع، ولعل
السبب هو إهتمامي بما يكتبه الآخرون عنا وعن مدينتنا، وأسباب أخرى.
وتمثل القصة وثيقة تأريخية مميزة، نحن بحاجة لها في
المستقبل لتقرأها الأجيال القادمة عن الفترة بين 14 آب 2005 و22 كانون الثاني 2007
وبإسلوب وقاعدة معلوماتية محايدة لا تميل الى أي طرف من الأطراف العراقية، تنقلنا
عند قرائتها بين مطار بغداد والمنطقة الخضراء والقواعد الأمريكية المختلفة ومناطق
بغداد الساخنة والباردة في تلك الفترة.
وبين كل تلك المواضيع الهامشية يظهر الموضوع الرئيس في
القصة وهو العلاقة بين مايكل و(آندي)، خطيبته التي تعرف عليها في حفل بمدينة
نيويورك لتأتي بعدها للعمل في العراق في المعهد الجمهوري الدولي ومن ثم تتعرض لكمين
من قبل طرف معين فتقتل مع حارسها الشخصي وآخرين في موكبها بتأريخ 17 كانون الثاني عام 2007.
لقد أحسست أنني أعرف آندي !
أما مايكل وكما هو الحال دائماً، لا تكتمل القراءة من
دون البحث عن الكاتب على الشبكة ... وما أن توصلت الى الأحرف الانكليزية الصحيحة لأسمه
حتى كانت المفاجأة.
لقد توفي عام 2013 ... أو: لقد قتل عام 2013 في مدينة لوس
أنجلوس بحادث سيارة قد يكون مدبراً ... والاختيار بين الوفاة والقتل قضية أمريكية
لم أدخل في تفاصيلها كثيراً.
ولكن المرعب أو الجميل، لا أعرف ... هو موته بنفس
الطريقة التي ماتت بها خطيبته في بغداد.
الحقيقة أن مدينتنا سحرية
غريبة الأطوار وقاتلة ... و(رحم الله من زار وخفف).