الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

قال لي الحمزة

في وقت سابق ونتيجة لإستطلاع آراء عدد من الطلبة، توصلنا الى أن هنالك عدد من الامكانات الضرورية لدى طالب هندسة العمارة، ليتمكن من النجاح في سنوات دراسته أولاً وفي ممارسة المهنة ثانياً، وهو في كلا الحالتين راغب أو متعايش مع طبيعة تلك الدراسة والمهنة وليس منزعج أو مكتئب منها. وتلك الامكانات تتمثل بــ:
-       امتلاك المهارة اليدوية في الرسم وانجاز الأعمال الدقيقة.
-       امتلاك مخيلة واسعة، بمعنى أن تكون قادراً على تكوين صور في ذهنك لأشياء غير موجودة أمامك في الواقع المادي.
-       الاهتمام بالتكنولوجيا المعاصرة والمهارة في استخدام أجهزة وبرمجيات الكومبيوتر.
-       القابلية البدنية والقدرة على العمل المستمر وامتلاك صفات التحمل والصبر.
-       امتلاك شخصية غير تقليدية مجردة من قيود المجتمع المحدد للفكر والسلوك.
-       امتلاك القابليات الفنية، ليس بممارسة الرسم حصراً وإنما قد تكون في تذوق الفن والإعجاب بالأعمال الفنية.
-       الإمكانية المادية للعائلة، لأن سنوات الدراسة الخمسة بحاجة الي الكثير من المصاريف المستمرة.
-       القابليات الاجتماعية في التكيف مع المجموعة وإمكانيات الحوار والإقناع والعمل الجماعي.
وقلنا في حينها أيضاً أن توفر كل تلك الإمكانات مبالغ به جداً، ولكن الهدف هو أن يكون الطالب على وعي بالتحديات التي سيواجهها في دراسته، وأن لا يقع في مطب القبول في دراسة لا يتناسب معها ليعيش 5 سنوات من المعاناة والتوتر النفسي ليتخرج مهندساً معمارياً غير ناجح.


وحتى اليوم كنت أعتقد أن من لا يمتلك هذه الإمكانات أو أهمها كامتلاك المخيلة الواسعة والتذوق الفني، عليه أن يختار دراسة تخصص آخر يتلائم مع قابلياته الشخصية، ومع ما تتوفر لديه من فرص طبعاً في قوانين وزارة التعليم العالي العراقية من التحويل أو إعادة الترشيح أو ماتوفره الكليات الأهلية من فرص أخرى.
ولأنني كنت شاهداً على الطلبة الذين قضوا سنوات الدراسة وهم يعانون من متطلباتها، وينجحون (بطلعان الروح) سنة بعد أخرى، ليتخرجوا بعدها بحد أدنى من المعرفة المعمارية ورغبة بترك هندسة العمارة الى الأبد، فقد كنت أعتقد أن توضيح ذلك الموقف لطلبة المرحلة الأولى في بداية العام الدراسي ودعوتهم لاتخاذ القرار بترك هندسة العمارة يصب في مصلحتهم، لأن العام الدراسي في بدايته ولديهم إمكانية الإنتظام في دراسة أخرى بنفس العام، دون خسارة سنة في حال انتظامهم في دراسة العمارة ثم بعد منتصف العام الدراسي مثلاً أو أكثر يقرروا تركها واختيار دراسة أخرى في السنة اللاحقة.

ولكن قال لي الحمزة اليوم أن هذه الفكرة غير صحيحة ...
بعد محاضرة أو محاضرتين من بدأ العام الدراسي لا يستطيع الطالب التعرف على حقيقة متطلبات الدراسة، فنحن نقول له أنت بحاجة الى كذا وكذا وكذا، ولكنه لا يعرف إن كان يمتلكها أصلا أو لا ...
لم يجرب أن يستخدم خياله، ولا يعرف بالضبط ماهو التذوق الفني وهل يمتلكه أو لا، لم يجرب أن يرسم أو يصنع شئ بيده، ونحن نأتي لنقول له إذا لم تمتلك تلك القابليات فعليك بترك هندسة العمارة ...
لذا سيقع تحت تأثير الترهيب من صعوبة الدراسة ومتطلباتها ونتيجة لكلامنا فقط وليس نتيجة للتجربة الشخصية.
يقول الحمزة: علينا أن نترك الطلبة يجربوا الدراسة بأنفسهم ولمدة كافية قد تكون نصف سنة أو أكثر، ومن ثم يقرروا تركها أو البقاء فيها بعد أن يعرفوا جيداً ما يتوفر لديهم من إمكانيات شخصية قد تكون كامنة وغير مكتشفة.
لذا كان رأيي يعتمد على فكرة عدم تضييع عام دراسي على الطالب واختيار دراسة أخرى في نفس العام.
ورأي الحمزة يعتمد على ترك الطالب ليجرب هندسة العمارة بنفسه ولا يعتمد على كلامنا فقط بصعوبة الدراسة وضرورة تركها.

يجب أن أعترف هنا أنني سأخذ برأي الحمزة مستقبلاً ... ليخسر الطالب سنة دراسية ولكنه على الأقل ليتعرف على هندسة العمارة بنفسه ويختارها أو يتركها عن قناعة وتجربة.










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق