تداعِ التبغ
التكرار الابدي او (Eternal Return)، فكرة نجدها لدى الفيلسوف الالماني نيتشه نقلاً عن الحضارات
القديمة، ملخصها ان الاحداث والوقائع التي وقعت في الكون او الوجود ستتكرر
بالطريقة والكيفية نفسها دون زيادة او نقصان. وسوف تواصل التكرار بعدد لا نهائي من
المرات.
يدور فلم (Repression) في فلك الفكرة ويفسرها بطريقته الخاصة، تقول
البطلة لزوجها:
"اسمعت بعبارة التكرار الابدي؟
حين تحاول القيام بكل شئ بطريقة مثالية، حتى الامور الصغيرة بحال حُكم عليك
بتكرارها الى الابد."
يذكرنا حوار الفلم باشخاص حولنا يقومون بتلك المحاولة.
يمكننا تصنيفهم لصنفين، من يحاولون بمفردهم فنعجب باعمالهم الخالية من
العيوب الواضحة. ومن يحاولون مع مجموعة من الاشخاص قد نكون نحن منهم فنبدأ بالضيق
والتذمر من دقتهم الشديدة حتى بالتفاصيل الصغيرة غير المرئية.
وكنت انتظر ليلة البارحة احد تلك الاعمال الفردية.
بعد استعراض العمل المتقن قفزت برأسي كلمة بلحن اسباني ممطوط: (Perfecto).
وكعادتي مع تلك الكلمات الهاربة من العقل الباطن، فانا اضعها على محرك
البحث (Google)، لاستكشاف
امتداداتها الفكرية والبصرية غير المتوقعة.
ومن تعريفات اوكسفورد لـ(Perfecto) نقرأ:
A type of cigar that is thick in the center and tapered at each end.
في نفس
لحظة الانتظار تلك كنت أقرأ لـ(Olivia
Laing) عن الشبابيك والجدران الزجاجية وتجسيدها في اعمال الرسام الامريكي (Edward Hopper)، فتتحدث تفصيلاً عن رؤيتها للوحة (Nighthawks):
"وفي
لوحة المطعم في الخارج تظهر ماركة (PHILLIES) امريكان للسيكار، فقط بـ5
سنتات، مكتوبة اسفل السيكار."
وفي نفس لحظة الانتظار تلك كنت استنشق رائحة دخان سجائر غريبة على المنزل،
دخان لزائر يعتاد التدخين بحرية.
أن تجتمع الكلمة مع الصورة مع الرائحة فهو تداعٍ يستحق التدوين.
والآن، ماذا لو كانت حياتنا تكرار لحيوات آبائنا وأجدادنا؟
لنحاول القيام باشياء مختلفة عنهم لمنع امكانية التكرار، او هكذا نبرر ما
نفشل بانجازه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق