الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

البغبغة

لقد تم تسميتي بطريقة غريبة ...
تروي لي جدتي أنهم إحتاروا في تسميتي وقتها، فإختاروا 3 أسماء وكتبوها على أوراق صغيرة ووضعوها في كيس، وكما في رئاسة الجلسة الأولى لمجلس النواب، إقترحوا على جدة والدتي لأنها أكبرهم سناً أن تسحب ورقة!
لا أعرف لماذا تم إعادة السحب 3 مرات ولكن في كل مرة تحمل الورقة إسم بلال.
قد ينقص الرواية الكثير من التفاصيل وهو حال أي قضية تأريخية نتصارع عليها حالياً، أتذكر دائماً صديقي (عامر بشير)، عندما يكون شاهداً على تحوير في نقل حادثة أو تغيير عند نقل كلام شخص، يقول متعجباً: لعد التأريخ شكد بي جذب؟!
وبالعودة الى قضية إسمي ... فأنا ممتن جداً لجدة والدتي ولشخصيات عربية أخرى.
مصطفى العقاد رحمه الله، جاهد لصناعة فلم الرسالة، وفي كل مرة كان يعرض على الشاشة كنت أزداد قوة، لا أقول أنها قوة في الوعي، ولكنها كانت تزرع في اللاوعي. قوة مستمدة من صمود بلال أسفل الصخرة، قتاله في المعركة ورفعه للأذان في المدينة. ويجب أن يستمر الإمتنان للممثل الليبي علي أحمد سالم لمشاركته في صناعة تلك الصورة المميزة.
سامي قفطان رحمه الله حياً، وقبله من إختار إسم شخصية (مقدم بلال) في مسلسل ذئاب الليل بجزءه الأول، لقد جعلني دائماً العب دور الشرطي عندما إنتشرت لعبة الشرطة والحرامية بسبب المسلسل في الصف الرابع الإبتدائي (طبعاً شرطي نص ردن)، لأنني الأقل حجماً بين طلبة الصف.
وبسبب الإسم أيضاً إنجذبت أول مرة للشخصية المصرية (بلال فضل)، يُعرّف نفسه بـ( كاتب على باب الله). كتب سيناريوهات أشهر الافلام المصرية المعاصرة ونقرأ له مقالاً يومياً على العربي الجديد. والأهم بالنسبة لي برنامجه الإسبوعي (عصير الكتب).
في لقاء له وقبل بث أول حلقة من البرنامج يستخدم بلال مفردة جميلة: (نبغبغ) من (البغبغة) للببغاء.
 واليوم أعتقد أن أعظم ما نعانيه هو البغبغة ... نقل ما نسمعه بدون تفكير، كما تفعل الببغاء بالضبط. وهي بغبغة في أحاديثنا في العالم الواقعي، والبغبغة على مواقع التواصل الإجتماعي.
بعد يوم المطرة إنقطع (الفيز البارد) في بيتنا، وعندما كان الكهربائي يعمل على إصلاح المشكلة، نقل لي ما مر به عندما اتصلوا به عمال دائرة الكهرباء ليحل لهم مشكلة في كهرباء بيت شخص مسؤول في الدولة، قال لهم هذا المسؤول إنهم لن يغادروا بيته ما لم يصلحوا العطل! ولأنهم مختصين بالتوصيل الخارجي فقط والمشكلة داخلية طلبوا مساعدة صديقنا الكهربائي، وعندما وصل للبيت تعرض لنفس التهديد! لن تغادر ما لم تصلح العطل. يقول الكهربائي إنه أجاب المسؤول بقوة، سوف يعمل على إصلاح العطل ولكنه يستطيع المغادرة متى يشاء، وبعد هذا الرد والقيل والقال، قال له المسؤول إنه رأه سابقاً في مكان ما، في إحدى وزارات الدولة في النظام السابق وبالنص قال له: إنت صدامي !
عندما تمعنت بعد أيام في نموذج الشهادة الجدارية لخريجي الجامعة وهي تتضمن نجمة ثمانية تحتوي شعار الجامعة، بغبغت مباشرتاً : هاي النجمة صدامية !
 فالقضية هي أولاً صراع بين العقل الباطن اللاواعي والعقل الواعي، عقلنا اللاواعي (مليان) بأفكار ولفظات متنوعة نتيجة للمعصرة التي نعيش فيها، وما إن نفقد السيطرة عليه قد نبدأ بالبغبغة أو لا نبدأ لإنه يتضمن من الإيجابيات أيضاً وهو ما يشير اليه الدكتور على الوردي.
وثانياً ترتبط القضية بالحديث النبوي الشريف: كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
لذا أعتقد أن الفرضية (صفر) التي يجب أن نتعامل بها مع كل ما نقرأ ونسمع ونشاهد على الشبكة، هو أن هذه المعلومة غير صحيحة، كاذبة، غير دقيقة، تم تغيير سياقها.
قبل عدة أيام شاهدت مقطعاً لدقائق يعطيك حكماً سلبياً 100% والمقطع غير مقبول منطقياً، لذا وبعد بحث بسيط تبين أنه مقتطع من برنامج يحمل رسالة معينة، تجعلك تحكم على المقطع بطريقة مختلفة 100% أيضاً !

هل يقتصر الأمر على المواضيع السياسية أو الدينية ؟ أبداً في كل المجالات ومنها العمارة بالتأكيد.

لذا لنكون شكاكين، لنشك دائماً، لأن الوصول الى الحقيقة (إذا كان ممكناً) يحتم علينا الحضور في موقع الحدث وهذا ما لن نستطيعه أبداً.

ولكننا نستطيع أن نتوقف عن البغبغة. 










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق