ثرثرة معمارية في اليوم العالمي للمرأة
-1-
عندما تم قبولنا في
الجامعات العراقية قبل العام 2003 كان نظام القبول المعتمد يضع فارقاً في المعدلات
بين الذكور والاناث للقبول في نفس التخصص او الكلية والقسم، ويبلغ هذا الفرق 50
درجة للمجموع الذي يحصل عليه الطالب.
والفرق لصالح الذكور
بالتأكيد، فاذا كان الحد الادنى لمجموع الطالب الذكر للقبول في قسم معين هو 600 درجة
مثلاً، فان الحد الادنى لمجموع الانثى هو 650 درجة للقبول في نفس القسم.
وهذا ما جمع حينها في قسم
الهندسة المعمارية مجموعة طلبة متقاربة العدد من حيث الذكور والاناث ولكن بمعدلات
اعلى لصالح الطالبات.
بعد تغير
النظام السابق تم رفع هذا التمييز بين الذكر والانثى في القبولات والاعتماد على
المجموع او المعدل الذي يحصل عليه الطالب فقط. ونتيجة لمثابرة الطالبات في الدراسة
غالباً (ويثبت ذلك عدد الطالبات ضمن العشرة الاوائل على العراق في كل عام)، فكنّ
صاحبات المعدلات الاعلى، ولان لكل قسم طاقة استيعابية محددة وقسم هندسة العمارة
صاحب اعلى معدلات قبولات في الجامعة التكنولوجية، شغلن الطالبات معظم تلك الطاقة
الاستيعابية.
وهذا ما جمع حينها في قسم الهندسة المعمارية مجموعة طلبة
يزيد فيها عدد الاناث على الذكور بشكل ملحوظ جداً.
منذ عامين فقط استقلّت الجامعة التكنولوجية في بغداد واعتمدت
نظام قبول مباشر خاص بها منفصل عن نظام القبول المركزي. وهذا النظام بدوره يعتمد
على معدلات الطلبة الذي يرغبون الدراسة في الجامعة التكنولوجية دون غيرها، ومن ثم
تحديد الحدود الدنيا للاقسام، والذي يحتل فيه قسم هندسة العمارة المرتبة الثانية
او الثالثة. اما عن قضية الذكور والاناث فقد كان النظام يعتمد على المساواة في
العدد بين الطرفين.
وهذا ما جمع في قسم هندسة العمارة مجموعة طلبة متساوية
(تقريباً) في العدد بين الذكور والاناث.
فتصبح الحالات تسلسلاً كالتالي:
-
اعداد متقاربة مع فرق واضح في المعدلات. (قبل 2003)
-
زيادة نسبة الطالبات بشكل واضح. (بعد 2003)
-
تساوي عدد الذكور والاناث تقريباً. (منذ عامين فقط)
المهم في كل ما سبق، هو تأثير نظام القبول على نسبة
الاناث والذكور في العشرة الاوائل المتخرجين من القسم والذي يشير الى الطرف المتفوق
في دراسة العمارة.
ولكن ماذا بعد
الحصول على نتائج المقارنة؟
الحصول على نتائج ثنائية الذكور والاناث، بمرحلتي (الدراسة الاعدادية العامة-دراسة
العمارة)، تعطينا صورة واضحة عن قضية دراسة المرأة للعمارة في العراق تحديداً،
وكيفية توظيف تلك الصورة لاتخاذ قرارات تمكين المرأة في مجتمع العمارة.
-2-
يخلط المعمار معاذ الالوسي المعلومات بالحكايات بالثرثرة
بالدسائس البغدادية في كتابه (ذروموس-حكاية مهنة) معبراً عن نفسه قائلاً:
"اتصالي بالطلبة يختلف عن اتصال الاساتذة
الاكاديميين بهم. انا خارجي، غير متأثر بمسيرة الطالب كالامتحانات والمواظبة على
الدوام، لذا بامكاني الحكم عليه من تصرفه. خلال ساعة واحدة استطيع ان احدد اي منهم
في المسار الصحيح، ومن منهم سيتخرج ويكون صالحاً لممارسة العمارة. استطيع ان احدد
الجيد، من يوحي بالامل. كيف؟
لانه يجلب انتباهي مباشرة، من نمط التصرف وحتى نوعية
الملبس. أما البنات فيعكسن التصرف المعماري على نحو اسرع واوضح، بسبب حاجة البنت
في منطقتنا لكسر الاصفاد. انهن منذ الصغر يترعرعن ضمن القيم الجمالية البالية
والسائدة في المجتمع والبيئة التي تحيطهن. ولسوف ابحث عن مقدار خروجهن عما اعتدن
عليه من حدود وقيود.
في برلين ينازل الاستاذ البنات المبتدئات في دراسة
العمارة في جولة ملاكمة، لينزع عنهم رواسب ما اعتدن عليه" (انتهى الاقتباس) ص183
لا احد هنا يطالب بجولة ملاكمة، ولكن المهم ان يحدد كلاً
منا ما يؤمن به حقيقة وما يعتبره حدوداً وقيوداً لا يؤمن بها ليثور عليها ويكسر
الاصفاد.
-3-
يوضح لنا (Frank Jacobus) في كتابه:
(ARCHI-GRAPHIC, AN INFOGRAPHIC LOOK AT ARCHITECTURE)
نسبة المعماريات الحاصلات على اجازة ممارسة العمارة منذ
تأسيس (AIA) (الجمعية الأمريكية للمعماريين)
عام 1857 وتطور تلك النسبة بمرور الوقت مقارنة بالمعماريين الذكور المسجلين في
الجمعية.
وتبدأ بحصول اول أمراة للاجازة عام 1888 لتنتهي الدراسة
بالعام 2013 وبنسبة معماريات 17% فقط.
ما هو الحال في العمارة العراقية؟
نستطيع الرجوع الى سجلات جمعية المهندسين العراقية والتي
تأسست عام 1938 ومن ثم نقابة المهندسين العراقية التي تأسست عام 1959 ومعرفة نقطة
البداية النسائية مع العمارة في العراق ومن ثم نسبة المعماريات منذ ذلك الوقت وحتى
العام الماضي.
ونعود الى نفس التساؤل السابق: ماذا بعد الحصول على النتائج؟
نتائج النسب هذه المرة تعطينا صورة واضحة عن ممارسة
المرأة لمهنة العمارة في العراق بعد تخرجها من دراسة العمارة، ومن ثم توظيف تلك
الصورة في قضايا المرأة ايضاً. (مع العلم ان الكثير من المتخرجات المنتميات الى
النقابة لا يمارسن المهنة فعلياً)
-4-
"لأنك امرأة، يجب ان تكفي عن وصف نفسك بالضعف"
ماري كوم، ملاكمة هندية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق