السبت، 15 مارس 2014

رحلة داخل عقل ستيف جوبز (دروس في العمارة)

عندما ينال إنسان شهرة عالمية بسبب إنجازاته ولا يستطيع أي فرد في العالم ذكره بسوء فنحن بالتأكيد بحاجة الى التفكّر في سيرته لأخذ الدروس المجانية منها.

عند قراءة مقالة (رحلة داخل عقل ستيف جوبز) في العدد 638 لمجلة العربي لإبراهيم فرغلي (والذي يقدم بدوره كتاب (رحلة داخل عقل ستيف جوبز) من تأليف ليندر كاهني وترجمة حسان البستاني)، من الممكن الخروج ببعض أفكار النجاح والتي ترتبط من قريب أو بعيد بالهندسة المعمارية:



أولاً: ليس كسب المال هو الهدف الرئيسي في الحياة الشخصية والمهنية للإنسان بسبب إحتمالية زواله السريع والمفاجئ على خلاف الكثير من الاهداف الاخرى في الحياة وفي ذلك يقول جوبز: " كنت أملك أكثر من مليون دولار في الثالثة والعشرين من عمري، وأكثر من عشرة ملايين في الرابعة والعشرين، وأكثر من مائة مليون دولار في الخامسة والعشرين، ولم يكن الامر ذا أهمية بالنسبة لي لأنني لم أقم بهذا العمل لأجل المال".



ثانياً: يمكن الخروج بمعادلة تمثل نتيجتها نجاح ستيف جوبز في إدارة الأعمال وهي:
الإعتماد على الخصال النفسية والشخصية + محاولة البحث عن حلول للأزمات + اليقين الكامل بأهمية تقديم حلول مبتكرة .
والإبتكار: هو المبادأة التي يبديها الفرد في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير، كذلك قدرة الفرد على تجنب الروتين العادي والطرق التقليدية في التفكير مع إنتاج أصيل وجديد أو غير شائع يمكن تنفيذه أو تحقيقه. [i]
ولكن جوبز يعبر عن  ضرورة الابتكار بطريقته الخاصه فيقول: "نحن نتعمد التفكير فقط بصنع منتجات رائعة".
إذن هل يمكن تطبيق هذه المعادلة في العمارة ؟ بالتأكيد، فلكل معمار صفات فردية خاصة يختلف بها عن غيره ، يجب إستغلالها في التعرف على المشاكل التي يقدّم التصميم المعماري حلولاً لها شرط أن يكون ذلك الحل او التصميم مبتكراً وغير شائع.   



ثالثاً: التركيز على أفضل ما تقوم به وترك وإيقاف الكثير من المشروعات الأخرى غير الناجحة، حيث قام جوبز بخطوة جبارة في سبيل إنقاذ شركة (apple) والتي قرر خلالها إيقاف عدد كبير من المشروعات التي تقوم بها الشركة والإبقاء على أربعة منتجات فقط.
في العمارة وبسبب تعدد مهام المهندس المعماري يفضل تركيزه على المهام التي يجد فيها نفسه ويتميز بإنجازها أكثر من غيره، فمن غير الممكن ان يكون هو المصمم وهو رسام المخططات وهو صانع المجسم الخاص بالمشروع وهو المسؤول عن زيارة موقع البناء للتأكد من التنفيذ الصحيح للمخططات، وهنا يأتي دور العمل الجماعي لعدد من المعماريين في سبيل اظهار المشروع المعماري بطريقة خالية أو قليلة الأخطاء، ذلك بالنسبة للعمل المعماري المهني أما ما يخص طلبة العمارة فمن الضروري تعلم وممارسة جميع تلك المهام خلال سنوات الدراسة من أجل التعرف عليها وإستكشاف المهمة التي يبدعون فيها مما يسهل عليهم الاختيار المستقبلي.

رابعاً: لستيف جوبز مفهوم خاص عن التصميم حيث يقول:"التصميم كلمة محيرة، فبعض الاشخاص يظنون إن التصميم يعني الشكل الخارجي، ولكن إذا بحثت في العمق فستجد أنه طريقة عمل المنتج في الواقع، فلم يكن تصميم (ماك) مقتصراً على مظهره الخارجي فقط بالرغم من كونه جزءاً من التصميم ككل. ولتصميم شئ ما بشكل جيد حقاً عليك أن تقف على كل ما يتعلق به. ويتطلب الامر إلتزاماً كبيراً لفهم أمر ما بدقة والتفكير فيه ملياً وعدم إتخاذ قرار سريع في شأنه" .
هل ينطبق مفهومه على التصميم المعماري؟ هل يمكن أن يكون المبنى جميل جداً من الخارج وغير مريح عند استخدامه والعيش فيه؟ هل يمكن للمعمار ان يصمم كامل المبنى ويترك أمر إختيار الأبواب للمقاول؟ يجب عليه التركيز والاهتمام بكافة الاجزاء والتفاصيل المعمارية وعدم اتخاذ قرارات تصميمية غير مدروسة.

خامساً: كان جوبز يولي لوناً من الاحترام للمواد، فقد كان (الآي ماك) بلاستيكياً و(الآيفون) زجاجياً فشكل الأجهزة هو الذي يملي نوعيه المواد التي يتعين استخدامها في عملية التصنيع.


i mac


i phone
 والسؤال الاخير هنا، هل كان من الممكن بناء الاهرامات بمادة غير الحجارة تستطيع البقاء كل هذه الفترة الزمنية؟ وفي الوقت الحالي قد تسأل سمسار العقارات عن سبب ارتفاع ثمن مسكن معين فيقول لك: ( إن واجهته من الحجر)!  فللمواد دور رئيسي في العمارة، سواء المواد المستخدمة في الهيكل الانشائي للمبنى أم المواد المستخدمة في الانهاء الداخلي والخارجي.

وأخيراً نرجوا أن يرقد ستيف جوبز بسلام لما قدمه للانسانية من افكار عظيمة.



بلال سمير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق