مدينة
بسماية وأمنيات أخرى
في كل مرة أنوي الكتابة، أقف أمام عقبة الجدوى منها،
فنحن بحاجة الى أفعال على أرض الواقع، أصبحنا مختصين في الكشف عن المشاكل وصياغة
حلولها شفهياً وكتابياً ولكن ماذا عن التطبيق؟
القضية أن للتطبيق هموم و(ضيم وقهر)، وما يأتي يمكن أن
أضعه تحت (خانة) الخواطر أو المذكرات حالياً.
بتاريخ
اليوم 27-4-2015 حضرت ندوة علمية بعنوان "التصميم المعماري وتقنيات الإنشاء في
مشروع بسماية السكني" أقامها قسم
هندسة العمارة في الجامعة التكنولوجية وبالتعاون مع الهيئة الوطنية للإستثمار
ووزارة الإعمار والإسكان العراقية.
وأعتقد
أن أغلبنا قد إطلع على تفاصيل موقع المدينة ومخططاتها وأسعار الوحدات السكنية فيها
وطرق التسديد ولو بصورة عامة، لتأتي الكلمة الأولى لرئيس الهيئة الوطنية للإستثمار
الدكتور سامي الأعرجي وهو خطيب بارع بشخصيته وصوته وخبرته.
وبعد
الحياة السعيدة التي صورها للمشروع، والإطلاع على نوعية الأبنية المنجزة وطبيعة
معامل الأجزاء الجاهزة المستخدمة للبناء في الموقع، يمكن القول أن حاجز عدم الثقة
قد (ينفطر قليلا)، لأن عدم الثقة بالنظام العام في العراق من أول موانع المشاركة
في المشروع، علاوة على أسباب أخرى مثل بُعد الموقع عن مدينة بغداد وضرورة القيام
بتلك الرحلة يومياً.
وتبقى
كل الاحكام غير موثوقة الا بزيارة الموقع والاطلاع على واقع الحال مع العلم أن
طريقة عمل شركة هانوا الكورية، غاية في الدقة والمهنية.
وللمشروع
أهمية كبيرة ليس في مجال الاسكان فقط وإنما في مجال التعليم الهندسي والإداري، وقد
كانت المبادرة أولاً من قسم هندسة العمارة بتنظيم زيارة لطلبة الدراسات العليا
لموقع المشروع والإطلاع على الأعمال فيه، ولكن ما الذي يمنع من إتفاق وزارة
التعليم العالي وبالتنسيق مع هيئة الاستثمار والشركة المنفذة، بالتأسيس منذ السنة
القادمة لمادة دراسية جديدة تضاف الى مناهج الكليات الهندسية كافة، تتضمن زيارات
مستمرة للمشروع (شهرية) ومتابعة مراحل التنفيذ وطرقها وإدارتها وكلاً حسب إختصاصه،
فمن مستوى وكفائة شركة هانوا، تعتبر هذه الفرصة غير قابلة للتعويض، علماً أن
المشروع مستمر لغاية عام 2019، وهي فترة كافية لتأسيس دفعة من المهندسين الشباب
الأكفاء عملياً.
ومع
وصول الدور الى المتحدثين الكوريين، ممثل الشركة المصممة (هايان الكورية) والشركة
المنفذة (هانوا الكورية) فهم لطفاء ومؤدبين ومحبوبين جداً، وبلغة إنكليزية واضحة
وعرض مختصر وخفيف الظل، ولكن الأهم هي صفة (المصداقية) والمهنية في الخطاب، حيث أن
هذه الندوة علاوة على فائدتها العلمية لمنتسبي وطلبة الجامعة، فهي ذات فائدة
تسويقية لكافة الجهات المشاركة بالمشروع، وانا متأكد من أن الطرف الكوري مدرك لهذا
الأمر، ولكن ممثل الشركة المصممة وبعد أن عرض صورة لأرض الموقع الصحراوية مع
مساحات بيضاء، قال: كنا في البداية نعتقد أن هذا اللون الأبيض هو ثلج، ولكننا
إكتشفنا بعد ذلك أنه ملح! وبعد شرح نسبة الاملاح ومقارنتها بملوحة ماء البحر، تطرق
الى مشكلة نجاح التشجير والمساحات الخضراء في هذه التربة المالحة، حتى مع إضافة
طبقة جديدة من التربة، وهذا القول يتناقض مع المساحات الخضراء الظاهرة في العروض
التسويقية للمشروع وتأثيرها بصرياً ونفسياً على إتخاذ القرار بشراء وحدة سكنية.
وخلال
الإستماع الى المتحدثين في الندوة تأكدت أن البعض والبعض فقط يفتقر الى (ثقافة الإستماع)
أو (ثقافة السكوت)، وأنا أتمنى أن يكون هنالك طبقة في النار مخصصة للإشخاص الذين
يتكلمون أثناء صعود خطيب على منصة أو أي مناسبة تتضمن متحدث يخاطب الحضور.
ومن
حق أي أحد أن يقول أنت أيضاً تكلمت اليوم، وأجيب: إني تكلمت للضرورة فقط او
لملاحظة قصيرة جداً وساحاول في المستقبل أن لا أتكلم أبداً.
من يريد الكلام ليخرج من القاعة، فلم يعد هنالك
وجود لجبرية حضور تلك الفعاليات، ولن نكسب شيئاً بإجبارنا الناس على حضور تجمعات علمية أو ثقافية، ما لم تكن هنالك رغبة داخلية بالاستزادة والإستماع.
وأخيراً
فإن المشروع بإيجابياته وسلبياته لا يقارن بالمشاريع التي تنفذها الشركات العراقية
في مجال الاسكان العمودي أو الأفقي، فقد نفذت الكثير من المشاريع في المحافظات
الجنوبية، وهي فقيرة هندسياً وجمالياً، حيث أن جميع القرارات تتخذ على
أساس تخفيض الكلفة أولاً، فكانت النتيجة وحدات سكنية خالية من الروح ... ميتة، وفي
المقابل تدعي تلك الشركات وشركاءها من المسؤولين تطوير تلك المحافظات وتوفير
الخدمات السكنية الملائمة لمواطنيها، ولكن: رجال الي يعبي بالسكلة ركَي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق