طريق المقابر
وأنا أكتب، وقبلها حتى بساعة حاولت جاهداً أن أتذكر إسم
مدرستي المتوسطة، ولكن بلا جدوى ... والسبب أنها على أسم أحد الخلفاء العباسيين ولا
أتذكر أيهم هو.
ليس المهم الإسم ...
تذكرتها وأنا أقرأ في فهرس سنان أنطوان :
-أتعرفين أنني أحب المقابر كثيراً؟
-لماذا؟
-لا أعرف منظرها يجتذبني، تناسق القبور والحشيش الأخضر.
الأسماء والتواريخ المنقوشة، أشعر بالسكينة فيها، عندما كنت في بوسطن زرت واحدة من
أجمل المقابر في البلد في ماونت اوبرن، لابد أن تزوريها في يوم ما.
خلال السنوات الثلاثة في تلك المدرسة، كان طريقنا الى
البيت ظهراً يخترق المقبرة التي تقع على الجانب الأخر من الشارع الرئيسي، مقبرة
بجدران ولكن بلا أبواب ولا حتى إسم.
طريق ترابي بعرض مترين تقريباً، تمتد القبور على جانبيه
متداخلة ومتراكمة، أغمضت عيني الآن ... لا أتذكر إلا ثلاث صور ...
-قبر متهدم (خاسف).
-قبر بقبة خضراء.
-لا يجوز أن نمشي فوق القبور لأن الأموات يتألمون.
فيما يخص مدفن العائلة، فقد نزلت فيه قبل المرحلة
المتوسطة أو بعدها لا أتذكر أيضاً، هنا يرقد جدي، هنا يرقد والدي، وهناك أماكن خالية تنتظر ساكنيها.
لم يكن الأمر مخيفاً أيضاً ...
أما الآن فالأمر مختلف ...
لدي صفة سلبية جداً، فأنا أهرب مما أخاف أو أنزعج منه، أحاول
الهروب بأي طريقة ممكنة ويزداد الأمر سوءاً بعد الهرب من المواجهة الأولى فأستمر
بالهرب الى ما لا نهاية.
لا أؤمن بتخصص التنمية البشرية ولا كلام المختصين به،
ليس المشكلة بالكلام ولكنه يبقى مجرد كلام، المهم هو تنفيذه من قبل الإنسان، أعرف أن
عدم إيماني هذا لا يستند الى سبب منطقي لان الإنسان بحاجة الى التشجيع والى أمثلة
عن الناس الناجحين ولكني مع ذلك لا أنوي الإستماع أو القراءة عن التنمية البشرية.
ولكنهم يقولون أن على الإنسان أن يواجه مخاوفه فتنتهي أو
يقل تأثيرها.
وهذا ما دفعني للكتابة عن الموت.
أصبحت أخاف أو لا أرتاح لزيارة القبور وهو أمر طبيعي على
ما أعتقد ولكني أقارنه بذكريات الطفولة.
ماهو شعور الإنسان الذي يبلغوه بموعد موته؟
نحن نعلم شعور الإنسان الذي لا يعلم موعد
موته!
ولكننا قد نموت في أي لحظة ...
تؤكد وزارة الصحة العراقية أن معدل عمر
الإنسان العراقي يقدر بـ58 عاماً لذا فالرجل يمر بأزمة منتصف العمر وهو بعمر 29عام
!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق