الاثنين، 19 سبتمبر 2016


صيط الغنى ولا صيط الفُكَر

يُخبرنا الشيخ جلال الحنفي البغدادي في كتابه الأمثال البغدادية بأن: الصيط أو الصيت هو الإشتهار والسمعة .. ويضرب المثل في أن حسن السمعة على ما لا أصل له من الواقع خير من سيئها.. وفي الأمثال الموصلية (صيت غنا ولا صيت فقغ)، وقال الغلامي في شرحه (التظاهر بالكفاف خير من شكوى الحاجة). ص232


والأمثال الشعبية كما نعلم هي مقولات مجرّدة يمكن استخدامها في مناسبات ومواقف عدّة، فهي بحاجة الى سياق أو موضوع يحتويها لتنقل لنا حكمة الأجيال السابقة.
والسؤال: هل توقف المجتمع عن صياغة الأمثال الشعبية في الوقت الراهن؟ فأغلب الأمثال التي نستخدمها تم صياغتها في أزمنة سابقة، أم أن المثل لا يأخذ صفته الا بعد ان ينشأ لأول مرة ومن ثم يترسخ لفترة طويلة في المجتمع ؟
وبعيداً عن السؤال السابق، فالسياق الذي أريد أن أضع فيه مثل (صيط الغنى ولا صيط الفُكَر)، هو اعطاء الأشخاص الآخرين الانطباع الأول عنا في حالتين:

الأولى: عندما نكون نحن بحاجة لخدمة أو سلعة من الآخر مقابل أجر مادي، كأن يكون صاحب محل أو صاحب مهنة.
الثانية: عندما نكون نحن من يقدم هذه الخدمة للشخص للآخر، ونحن من نطلب الأجور مقابل القيام بتلك الخدمة، كما في قيامنا بتقديم خدمة تصميم وتنفيذ المباني بأنواعها.

والتجربة الاجتماعية تشير الى عدم ملائمة المَثَل للحالة الأولى... لا تظهر بمظهر الغني وأنت تتعامل لأول مرة مع شخص يقدم لك سلعة أو خدمة مقابل أجر مادي. لا يصل الأمر للشكوى طبعاً، ولكن من الممكن تحقيق ذلك عن طريق المظهر الخارجي ... لا تظهر بأبهى حلّة وأنت تلتقي به للمرة الأولى. عندما يأخذ المقابل إنطباعاً بأنك ميسور الحال وتمتلك الكثير من الأموال سوف يقوم بكل تأكيد بزيادة الأجر الذي يطلبه، وخاصة في ظل غياب توحيد أجور السلع والخدمات من قبل الجهات المختصة، علاوة على ركود السوق العراقي، فستكون أنت فرصة جيدة للحصول على نسبة عالية من الربح.
أما في الحالة الثانية فالمَثَل ملائم جداً لها، حيث يميل الأشخاص لدفع أجور أعلى للأشخاص الأغنياء نتيجة للإنبهار بمظهرهم الخارجي، مقارنة بالأشخاص ذو المظهر المتواضع، ويمكن إعطاء الكثير من الامثلة، فنحن لا نساوم على سعر البضائع في المتاجر الراقية ولكننا نساوم على البضائع البسيطة لصاحب (البسطة).

لذا يمكن وضع قاعدة (نفسية- اجتماعية-اقتصادية) قد تنفعنا في تعاملاتنا المستقبلية:
لا تظهر بمظهر الغني وأنت تطلب السلعة أو الخدمة، واظهر بمظهر الغني وأنت تطلب الأجور على تقديم سلعة أو خدمة معينة.

ويمكن تحديث المثل السابق الى:
صيط الفُكَر ولا صيت الغنى من تشتري ...
وصيط الغنى ولا صيت الفُكَر من تبيع ...







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق