الاثنين، 26 سبتمبر 2016

المؤتمرات العراقية .. كلاكيت ثاني مرّة


نعم ... وكما تمنيت سابقاً ... هنالك طبقة خاصة في الجحيم لمن يدخل جلسة مؤتمر ويستمر بالكلام أثناء عرض الباحث لفكرة بحثه.
نستطيع أن نتكلم بملاحظات أو تعليقات مختصرة جداً وبصوت منخفض ... ولكن الحديث المستمر جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون.


وعن الكلام أيضاً وفي العراق اليوم من يريد أن يعيش بعيداً عن الأمراض المزمنة والحاجة الماسة الى التدخين عليه أن يضع قواعد جديدة للكلام وعدمه، وقد تكون القواعد موجودة سابقاً ولكنه على الأقل يحاول تطبيقها لمصلحته الشخصية وليس لمصلحة أحد آخر.

يعتمد منتجي الأفلام المصرية التي تثير الجدل على سؤال يهدم موقف الناقد المهاجم للفلم:
-       هو إنت شوفت الفلم؟
وغالباً ما يجيب الناقد أو رجل الدين أنه لم يشاهد الفلم (أو قد يكون شاهده ولا يستطيع الاعتراف بذلك)، فيقول له المنتج :
-       أومال حكمت عليه إزاي؟!
لذا ولنحافظ على قوة موقفنا، يفضل أن لا ننقد أو نحكم على أفلام، كتب، بحوث، مناسبات، أحداث دون أن نشاهد ونقرأ ونحضر في المكان والزمان ونرى بأعيننا دون إعتماد على القيل والقال.

هل أطبّق أنا ذلك؟ بالتأكيد لا ... الكلام في كل شئ والإعتماد على القيل والقال صفة عراقية أو حتى إنسانية، ولكنني سأحاول قدر الإمكان.

ثانياً عدم إعطاء المواضيع والأحداث العراقية حجماً أكبر من حجمها الحقيقي الذي نعرفه جميعاً ونعيشه منذ سنين طويلة، ذلك يخلصنا أيضاً من الكلام الذي لا يقدم ولا يؤخر.
فعندما ننوي حضور حدث عراقي بإمتياز ونحن نمتلك خبرة وتجربة سابقة في حضور مثل تلك الأحداث، يفضل أن لا نتوقع الكثير خارج الصورة التي نمتلكها سابقاً، لأننا لا نزال في العراق ... ولسنا بحاجة الى الشكوى طبعاً بأن تلك الصورة قاصرة وقد تكون بائسة، لأننا لم نخرج من سياق الصورة السابقة.

قد يعتبر البعض أن هذا الموقف سلبي ويرضى بالمشاكل ويتقبلها، ولكن هل يغير الكلام من شئ؟

هنالك سيطرة أمنية في الشارع مثلاً، ونحن نعرف من تجاربنا أن السيطرات عديمة الفائدة وهي تستهلك الوقت ليس إلا، ولكن لو تكلمنا عن مشكلة السيطرة وذكرنا الأمثلة والحلول وشتمنا القاصي والداني .. هل سيتغير شئ ؟
جيد ... لنستغل وقت الوقوف في السيطرة لسماع برنامج مفيد ينقلنا الى عالم آخر.

وأخيراً من يتحمل عدم إنتباه الحضور لكلام الباحث وهو يلقي بحثه على المنصة؟ الباحث أم الحضور؟
بغض النظر عن نوعية الحضور الذين سيذهبوا الى الجحيم، فهنالك مسؤولية على الباحث في جذب إنتباه الحضور، وأنا أعتقد إن جذب الإنتباه حالة تبدأ منذ أن يقرأ الحضور عنوان البحث حتى لو قبل شهر أو إسبوع.
فعندما يُعلن برنامج المؤتمر بأسماء البحوث المشتركة، يقرر القارئ لا إرادياً أي من البحوث سيستمع له بإنتباه. وكل ذلك يعتمد على طبيعة المفردات والعلاقات المستخدمة في العنوان.
فلو قرأنا عنواناً يحتوي على مفردات نعرفها مسبقاً وقرأنا عنها ونعرف أن أغلب البحوث السابقة المتضمنة تلك المفردات لم تصل الى حلول عملية على أرض الواقع، فلن نهتم بالإستماع الى ما سيقوله الباحث حتى لو كان منطقياً.
ولكننا عندما نقرأ مفردات جديدة أو غريبة أو وجود علاقة غير مسبوقة فأننا سنقرر الإستماع بإنتباه لنعرف محتوى البحث وقد نصاب بخيبة أمل بعد ذلك، ولكن على الأقل قد حقق الباحث جذب الجمهور.
فإثارة الفضول هو سر الجذب، والفضول يثار حول مفردات أو علاقات جديدة.

وتكون خلطة المؤتمرات العراقية في النهاية:
إن كنت مستمعاً فحاول أن تمتنع عن الكلام خلال العرض، ومن ثم لا تتوقع الكثير خارج الصورة التي تمتلكها عن المؤتمرات العراقية.
وإن كنت باحثاً فحاول أن تختار عنوان بحث جديد، غريب، مثير ولا تتوقع أيضاً الكثير خارج الصورة التي تمتلكها عن المؤتمرات العراقية.
وإن لم تكن مستمعاً ولا باحثاً فحاول أن تشارك في المؤتمرات القادمة فهي كالحصى التي ترمى في بركة راكدة. 








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق