الأحد، 8 يناير 2017

الطريق الى المدى


نهاية اليوم الثامن من العام الجديد ...
لماذا يتحسس الانسان من تشبيههُ بالحيوان في مواقف معينة؟
ولما هذا التمييز الطبقي بين الحيوانات من قبل الانسان؟
مِثل الأسد ... مِثل الصكر ... والله ذيب ... تشبيهات يفتخر من يوصف بها
 ولكن: مثل الجلب ... مثل الطلي ... تشبيهات مُهينة ومُقللة للشأن.
هو تمجيد للقوة  والبطش وحتى الظلم مقابل إحتقار للضعف والحاجة، وهي طبيعة إنسانية لا جدوى من ذمها والاعتراض عليها لأنها موجودة داخل كل إنسان ولكن المهم تمييزها وإدراكها.
هذه الاسئلة ليس لأن لدي أصدقائي وشركائي في غرفتي (نور ومهند وميمونة) وصافي ساكن الحديقة الأمامية ولكن لأنني تذكرت الحيوان الذي يربط على الطاحونة يدور ويدور ويبذل جهداً بدنياً عظيماً ولكنه يبقى في مكانه... وبالمفردة العسكرية : يراوح في مكانه.
هل يذكركم بأحد؟

في اليوم الثامن وللخروج من الدوران العراقي قررت زيارة دار المدى في شارع السعدون وعند التقاءه بساحة التحرير، وبالتاكيد وسيلتي هي سيارة الكوستر (شقيّة خط كرادة داخل-باب الشرجي)، وعلاقتي بالكوستر بعيدة جداً وقد أضاف البعد وضوحاً لتلك العلاقة ... مكاني المفضل المقاعد الثابتة خلف السائق مباشرة وبجنب الشباك، وأعتقد تفضيلها يأتي من حالة جسدية فالأرضية مرتفعة قليلة بسبب المحرك أسفلها لذا فإن إقتراب الأرجل من الجسد يزودني بشعور الإنكماش أمام العالم الخارجي الذي يطل من الشباك الواسع الى جانبي.

 والعالم اليوم تضمن صورة جديدة ...
بدراجتها الهوائية البيضاء الأنيقة، تقود على جانب شارع الكرادة داخل ... وقبل أن أكمل لكم عنها أروي لكم ما روته لي أمي عندما كانت تستقل الكوستر أيضاً قبل عدة سنوات فعلى جانب الطريق كان هنالك رجل يقود دراجة هوائية بملابس رياضية وشعر طويل على شكل (ذيل حصان)، وما أن وصل بجانبه سائق الكوستر حتى صاح به:
هاااا إبن المخبلة !!
 ولكن صاحبتنا اليوم ترتدي ملابس شتوية سوداء هادئة وكعادتي دائماً بدأت بمراقبة وجوه الناس الرجال طبعاً في الشارع، يجب أن أكتب التعبير الصوتي (واوووو)، لم أشاهد نظرة إستهزاء أو أي محاولة للإزعاج بل كانت نظرة إستغراب وإعجاب فرضتها عليهم ملامحها الجدية الخالية من (الميك أب) وثقتها العالية وسيطرتها المتقنة على الدراجة الهوائية، عندما وصلت الى ساحة كهرمانة أوقفت دراجتها للحظات، أبطأ سائق سيارة شوفرليت وأشار لها بالعبور ضايقها سائق سيارة كيا قليلاً و(دا العادي بتاعوو) ثم أوقف لها شرطي المرور ممر السيارات الثاني لتنطلق بإتجاه ساحة الأندلس وتتوجه كوسترنا لشارع السعدون.


 أما في دار المدى فكانت العودة الى خيبة الأمل المعهودة:
نفس العناوين السابقة لكتب العمارة وأغلبها للدكتور خالد السلطاني وكتب قليلة اخرى غير جذابة، في مقابل مئات العناوين في المجالات الأخرى ...
والبديل بالنسبة لي هو التوجه نحو قراءة الإنسان وقراءة المدينة، فما العمارة الا بين هذا وذاك وكانت الاختيارات هذه المرة : (بغداد-سيرة مدينة لنجم والي) و( بغداد السبعينات- الشعر والمقاهي والحانات لهاشم شفيق) بالاضافة الى رواية حدائق الرئيس لمحسن الرملي ورحلتي مع آثار العراق كمذكرات للآثاري العراقي بهنام أبو الصوف وأخيراً دليل موجز للكتابة عن الفيلم  لتيموثي كوريغان.

غداً سيرافقني أحد تلك الكتب لأتخلص من أحاديث سائق التكسي عن الهموم والشكوى من أخبارنا المحلية ... وهنا يأتي دور السؤال:

هل هنالك جدوى من التذمر؟









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق