الاثنين، 20 فبراير 2017

مسميات وأرقام

مسميات وأرقام

كم هو عدد الأفلام الأمريكية التي شاهدناها (طول عمرنا)؟
بالنسبة لي لا أعرف العدد بالتأكيد ولكنه بالآلاف... بدأت رحلة الأفلام الأمريكية مع تلفزون الشباب عام 1993 كنافذة على الأفلام الجديدة كونها قناة غير رسمية تبث ما يحلو لها، ليسلمنا تلفزون الشباب بعد وفاته الى فضائية MBC2 وأخواتها ولم تكتفي بعرض الافلام القديمة نوعاً ما وإنما تعرض آخر الأفلام في دور السينما لتحرضنا على الذهاب الى بائعي الأقراص الليزرية بأنواعها المختلفة وشراء ومشاهدة الأفلام أولاً بأول.
وفي حالات معينة يجب إضافة عنصر جديد لعناصر تشكيل شخصية الفرد العراقي (العائلة، المدرسة، الشارع)، لتصبح: (العائلة، المدرسة، الشارع، هوليوود).
من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ووسائل إعلامها قد سيطرت على العالم ولكننا نحن العراقيين نعيش علاقة خاصة معها، علاقة المغلوب بالغالب وهي علاقة وضحها إبن خلدون في مقدمته عام 1377ميلادية، يُعجب المغلوب بالغالب ويقتدي به كرمز للقوة والكمال.
  في زيارتي الأخيرة لمركز التسوق إكتشفت بعض مظاهر التأثر والتبعية، منحوتة بجسم إمرأة ورأس وأقدام ضفدعة خضراء تحمل بيدها قدر وترتدي صدرية الطبخ، أعجبتني بشدة، في البداية لم أعرف السبب ولكن بعد أن أمسكتها بيدي إتضح الأمر، المنحوتة بنفس نسب منحوتة جائزة الأوسكار! لذا عندما تمسكها بيدك تلبي حلم أمريكي تم زراعته في رؤوسنا العراقية.
المظهر الثاني يتمثل برغبتي الملحة  لتجربة النظارات الشمسية المعروضة في مركز التسوق كلما ذهبت اليه، مع إمتلاكي لعدد كبير منها ومتمسك بإستخدام واحدة فقط كونها الأكثر ملائمة لعيني، وبنفس طريقة التحليل السابقة أكتشف إنني أقلد بطريقة لا واعية أبطال الأفلام الأمريكية! فعندما يدخل البطل المطلوب للعدالة الى مركز التسوق الملحق بمحطة البنزين فهو يستعرض النظارات الشمسية ويشتري نظارة سوداء يحاول بها إخفاء معالم وجهه.
بعد شرائي للأنسة ضفدعة ونظارة أعجبتني، رفضت أمي وضع التحفة في أي مكان في البيت كونها قبيحة جداً وقد استغربت سبب شرائي لها فوجدتها (مشمورة) في غرفتي كمكان وحيد تستطيع الوقوف فيه، أما النظارة الشمسية فقد كُسرت في اليوم التالي ولا تزال رغبتني مستمرة بشراء واحدة أخرى.
نحن نعيش حالياً في قمة صراع الحضارات، وحضارتنا المحلية غالباً (شبعانة كتل) ... من معالم الصراع أيضاً اللغة التي بتنا نستخدمها، فمفردة (داعش) تشير لحالة جديدة من استخدام اللغة العربية للمختصرات المتكونة من الاحرف الأولى من كلمات العبارة أو الإسم المعني كما هو الحال في اللغة الانكليزية والمسميات الأمريكية خاصة (USA,FBI,CIA.NSIC).
وقد فكرت أخيراً بمقاربة غريبة ... في اللغة العربية يقال لفاقد البصر : بصير
وتذكر المصادر إن سبب ذلك هو التفاؤل بقوة بصيرته.
زيادة على كونها لفظة غير جارحة كما في استخدام مفردة ذوي الاحتياجات الخاصة.
بعد هذا المثال اللغوي بإستخدام كلمة تمثل ضد الصفة الحقيقية، لما لا نستبدل تسمية دورة المياه أو التواليت بتسمية Thinking Room ؟    
فهي مكان مثالي للتفكير ... والغريب أن هذا المكسب لم نكن لنحصل عليه لولا تقليدنا الغرب بالتحول نحو استخدام (التواليت الغربي) بدلاً عن (التواليت الشرقي) المتعب للمفاصل وبالتالي غير مريح لإطالة الجلسة والتفكير بصفاء.
ومن موقعي هذا اطالب جميع المعماريين بفرض تأثيث دورات المياه العراقية بتواليت غربي والتخلص من الشرقي التقليدي كون (الغربي) هو أحد أسباب تقدم الحضارة الغربية بدعمه للمفكرين والمبدعين، وتغيير التسمية بدلاً عن WC أو Bath Room  الى Thinking Room.
وفي نفس السياق اللغوي أقص عليكم تجربة عراقية بحاجة الى مقاربة غربية أيضاً...
يكتض مقهى رضا علوان بالزبائن، يشغلون جميع طاولات الطابق الارضي وطاولات الرصيف، فما كان لنا سوى الصعود الى الطابق الأول والبحث عن طاولة فارغة ... وبعد دقيقة من البحث البصري ترك مجموعة من الشباب طاولة كانوا يريدون شغلها الى طاولة أخرى.
وهي فرصة ذهبية للحصول عليها ...
وبعد الاستقرار تبينا المفارقة ... لقد كانت الطاولة رقم 56 !
عندما ذهبت الى الكاشير لطلب القهوة بالكاراميل سألني عن رقم الطاولة ... وبعد سماعه للرقم ضحك ضحكة خبيثة ... وعندما جلب لنا عامل الخدمة الطلبات وتأكد من رقم الطاولة ضحك نفس تلك الضحكة !
ولأن في المقهى لوحاً لحرية الكتابة، توجهت له قبل الخروج وكتبت:

"في أوربا والدول المتقدمة" يتم رفع رقم (13) عند ترقيم الطوابق والشقق ضمن الطابق.
في العراق من الممكن رفع رقم (56) عند ترقيم طاولات الجلوس ... أو الإبقاء عليه لخلق مفارقة ممتعة.

طاولة النصب والاحتيال! 











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق