الأربعاء، 11 ديسمبر 2013

زهاء حديد وكوارديولا - مشروع الفريق الفائز

عندما يوصف المدرب الإسباني بيب كوارديولا في موقع (football speak) بـمعمار لعبة المستقبل Guardiola-the Architect of the Future Game))
فهل هو وصفٌ مبالغٌ فيه؟ وعندما يشبّه مدرب كرة القدم بالمهندس المعماري فهل من الممكن أن يشبّه المعماري بمدرب كرة القدم؟ فنقول مثلاً (أذا أردت لمشروعك الفوز فوظف المدربة زهاء حديد).
قد تكون الصورة واضحة للشخص المتابع لمباريات كرة القدم وأحداث دوريات العالم (الأوربية منها خاصة) ولكنها أقل وضوحاً لغير المتابع أو من يشجع نادي ريال مدريد لأن فريد الأطرش غنى لكرستيانو رونالدو أغنية (جميل جمال ملوش مثال)!

تتشابه المهنتان في كثير من الأساسيات والجزئيات حتى من الممكن أن يستفيد المهندس المعماري من مراقبة مهنة التدريب ومتاعبها للخروج بأفكار جديدة تحقق له النجاح في المستقبل وهذا هو الهدف من المقارنة بين الاثنين. حيث يمكن أن نلخص التشابهات سريعاً بالتالي:
-  يمتلك (المدرب-المعمار) عناصر محددة يستخدمها في وضع (خطة-مخطط) تتمثل بـ(اللاعبون- النقطة، الخط، الشكل ....الخ).
- لكل لاعب خصائص جسدية وعقلية يجتهد المدرب في إيجاد علاقة بينه وبين اللاعب الأخر الذي يلعب الى جانبه لتقوية وتكامل تلك الخصائص من أجل خلق فريق قوي يحقق الفوز، كذلك الحال في التصميم المعماري فالمعمار الناجح من يخلق علاقات متينة بين عناصر التصميم تتجسد في (مبادئ التصميم) لانتاج مشروع قوي يحقق الفوز أيضاً .






-   لكل مباراة هنالك ظروف خارجية مؤثرة بلعب الفريق، الجمهور يشجعون الفريق أم الفريق المنافس؟ إتجاه الشمس تؤثر بعيون اللاعبين أم خلف ظهورهم؟ حالة الأرضية ونوعية العشب وغيرها الكثير والتي يجب أن يأخذها المدرب بالحسبان كما يجب أن يفعل المعماري مع طبيعة المجاورات مؤثرة سلباً ام ايجاباً ودراسة عناصر المناخ وطبيعة تضاريس موقع التصميم وغيرها من المؤثرات الأخرى.
-    يعمل مع المدرب مختصون أخرون (مدرب لياقة بدنية، مدرب حراس مرمى، كادرطبي) وعمل كل منهم مؤثر في تحقيق الفوز وهو الحال مع المعماري أيضاً فهنالك (مهندس مدني، مهندس كهرباء، مهندس ميكانيك ......) وإذا أخطأ احدهم فأن المشروع يتعرض للخسارة.
-كل لاعب تتطور إمكانياته ويكتسب مزيداً من الخبرة بمرور الوقت وهو الحال مع العناصر وخصائصها والمبادئ التي يختبرها المصمم فيكتشف ما يكمن داخلها من إمكانيات وقوة ثم يستخدمها سوية بأحسن صورة .

ثم نصل الى الجوانب التي تنقص المهندس المعماري وخاصة في العراق وتوجد في مهنة التدريب :
-  عندما يخوض الفريق المباراة فإن أعين مدربي الفرق التي سيلعب معها في المستقبل مفتوحة على أي عيب أو خطأ في التشكيلة وخطة اللعب لكي يستفيدوا منها عندما يلعبون سوية، لذا على المدرب بعد كل مباراة سواء انتهت بالفوز أو الخسارة أن يصلح العيوب التي يكتشفها بنفسه أو يصرح بها المعلقون والمحللون والصحف والمواقع الالكترونية، قد تسمى هذه الحالة في العمارة (التغذية العكسية) فعلى المعماري أن يدرس تصميمه بعد التنفيذ وحتى بعد الاستعمال ويتصل بالمستخدمين لمعرفة المشاكل التي يعاني منها التصميم من أجل عدم تكرارها في تصاميمه القادمة، فهل نقوم نحن بذلك ؟ أنا شخصياً (لا) سوى مرة واحدة أتصلت بصاحب المسكن الذي صممته لسؤاله عن تفصيل يزيد من تدفق الهواء لإحدى الغرف فأجاب إن المقاول رفض تنفيذه وقال (هذا المهندس بطران!)[1].
-  نتيجة لتغير الملعب والجمهور والفريق المنافس والظروف الجوية في كل مباراة لايستطيع المدرب الثبات على خطة وتشكيلة واحدة طوال الموسم وهذا هو الحال مع التصميم المعماري فهل من الممكن ان توضع تصاميم موحدة للمساكن إعتماداً على مساحة وأبعاد قطعة الارض؟ بالتأكيد لا فلكل مسكن حالة خاصة ولكن ما يحدث حاليا مختلف، فإذا كانت قطعة الارض (5*20)متر ما على صاحب البيت إلا أن (يستنكي) مخططات منتشرة بين المقاولين والمهندسين المدنيين أو حتى المعماريين منهم والسبب في أغلب الاحيان هو الاجور المتدنية التي يدفعها الزبائن لأنهم غير مقتنعين وخصوصاً في العراق إن هذه الاموال يدفعونها لقاء رسوم على ورق! فمن وجه نظرهم يبقى ناتج المعماري ورق بينما ناتج المقاول (طابوك وصب وسيراميك!).        
وأخيراً فإن حال المعماريين في العراق وبسبب إنعدام النظام مشابه لحال مدرب المنتخب الوطني العراقي حكيم شاكر فهو يلعب بخطة عنوانها (شوت وبلكت تجي كول!)[2] .



[1] يتمثل التفصيل في جعل احدى جدران المنور ( الستارة) أعلى من البقية لكونها تقابل اتجاه الرياح السائد فتدفع الرياح الى داخل المنور و من ثم الى شباك الغرفة عندما يفتح وهذه المعالجة مختبرة في بحوث الدكتور مقداد الجوادي في الجامعة التكنولوجية- بغداد .
[2] العنوان من أحد المشجعين على تويتر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق