السبت، 21 مارس 2020

المأزق الحاسوبي


المأزق الحاسوبي

من مظاهر التفكير ومن ثم السلوك العلمي هو التشخيص والاعتراف بالمشاكل التي يعانيها المجتمع بصورة عامة او مجتمع العمل او الدراسة، ومن ثم بذل الجهد في دراستها ومحاولة ايجاد الحلول لها بدلاً عن المكابرة ومحاولة اخفاء مؤشرات تلك المشاكل ونتائجها.

نعيش يومياً علاقة مع التكنولوجيا متمثلة باجهزتنا (الذكية)، وتصبح تلك العلاقة متخصصة عندما نستخدم نفس الاجهزة في دراسة وممارسة مهنة العمارة. ثم نناقش دائماً طبيعة التوجهات الاكاديمية في تنظيم تلك العلاقة. وليعترف الجميع بانها علاقة حتمية لا مفر منها، سواء اقتربت او ابتعدت اياماً معدودات.

يدل مصطلح (مأزق) في اللغة العربية على المكان الضيّق، وعلى الموقف الصعب الذي نحاول الخروج منه. ومن المواقف الصعبة في علاقتنا بالتكنولوجيا معمارياً هو عندما تكون سبباً في تقييد او تحديد ابداعية النتاج المعماري.
هل من الممكن ذلك؟
عند العمل على مشروع معين يفكر المعمار او طالب العمارة ويتخيل شكل معماري معين، وهو بالتاكيد نابع من مصدر الهام او فكرة معمارية خاصة بالمشروع. وهنا يضيق مسار العملية التصميمية عندما لا يعرف المعمار او طالب العمارة في مراحله الاولى غالباً كيف ينفذ ذلك الشكل الذي يتخيله ببرامج التصميم والاظهار الحاسوبية.

هنالك عدّة سيناريوهات لما سيحصل بعدها.
وما يهمنا هنا هو السيناريو السلبي: ان يتخلى المعمار او الطالب عن ذلك الشكل في تصميمه ويستبدله بشكل آخر قد يكون اقل جمالاً او تعبيراً عن الفكرة لانه ممكن التنفيذ بامكانياته في البرامج التي يستخدمها.

لو استبعدنا سبب المأزق وهو جهاز الكومبيوتر (الحاسوب) فكيف سيكون السيناريو المفترض؟
سيتخيل طالب العمارة الشكل المطلوب اولاً ثم سيقوم بتخطيطه يدوياً على الورق (Sketching)، قد يلجأ الى صناعة موديل اولي (Sketch Model)، ولكن لا تزال المرحلة الاهم: رسم ذلك الشكل هندسياً وبقياسات محددة.
وهنا قد يلجأ الى مبادئ الهندسة الوصفية في كيفية تجسيد ذلك الشكل ببعدين فقط، ومن ثم يلجأ الى قواعد رسم المنظور الهندسي بانواعه المتعددة لتجسيده بثلاثة ابعاد.
ومع كل ذلك الجهد العظيم فهو لن يستطيع ايضاً تجسيد ذلك الشكل حاسوبياً في موقف مستقبلي حتمي!

كيف سنخرج من ذلك الموقف بوجود الكومبيوتر اذاً؟
بعد ان يتم تخيل الشكل فمن المهم القيام بنفس الخطوة الاولى وهي تخطيط الشكل يدوياً (Sketch)، ولا اعتقد ان هنالك احداً يستطيع ان يقلل من اهمية هذه الخطوة وهي تمثل المنطقة الآمنة لافكار المعمار. وقد يقوم بصناعة موديل اولي ايضاً لادراك الشكل، ثم نأتي للمراحل الفارقة، على المعمار ان يتعلم القواعد الاساسية لعدد من البرامج الحاسوبية، وهي حسب تصنيفها برامج للرسم ثنائي الابعاد، وثلاثي الابعاد واظهار وغيرها. وعليه ان يتعلم مهارة مهمة جداً وهي: كيفية ايجاد المعلومات التي يحتاجها على شبكة الانترنت ومحرك البحث (Google) تحديداً ومن ثم المواقع الاخرى كـ(YouTube) والمنتديات المعمارية المتخصصة.
سوف يبحث عن الطريقة الخاصة بانشاء الشكل الذي يتخيله. ثم يقوم بتنفيذه والسلام.
هل هي طريقة سهلة؟
كلا بالتأكيد.

هي طريقة للشجعان الباحثين عن التحديات للانتصار عليها والنجاح في المستقبل.
ولاتنفع الطالب الذي يريد الحصول على درجة النجاح فقط، او المعمار الذي يريد الحصول على اجوره فقط.
علماً اننا قد نمر بهذا المأزق بصورة اقل جداً في ممارسة العمارة على المستوى المحلي (العراقي)، لان امكانيات التنفيذ المحلية هي سهلة التنفيذ على تلك البرامج. وقد يستمر التحدي في عملية اظهار تلك الاشكال وابهار العملاء بها.

 النجاح في العلاقة مع الكومبيوتر معمارياً يعتمد على الشغف والفضول وعلى مهارة التعلّم الذاتي المستمر (التعلم مدى الحياة). فليس من المناسب الاعتماد كلياً على المحاضرات الدراسية المنهجية لتلك البرامج الحاسوبية، نتيجة لضيق الوقت وكثرة عدد الطلبة والمتطلبات الادارية الكثيرة. وانما على الطالب او المعمار الاعتماد على نفسه في عالم تتوفر فيه اغلب المعلومات مجاناً.

لن نستطيع التوقف عن الركض خلف التكنولوجيا سريعة التطور، وكلما بدأنا بالركض مبكراً سنكتشف صعوبات مضمار السباق مبكراً ونعمل على تجاوزها لنسبق الآخرين.










هناك تعليق واحد:

  1. تحدثت عن مشكلة حلوة دكتور بلال مالحال لو عكست الموضوع لطلاب درسو الحاسوب و ممكن يطلعون اكثر الاشكال الي تبهر الناضر سواء بالاضهار او بالمتيريلات الواقعيه بس فقدو قيمة السكيج و القلم و الورقة و بداية تكوين الفكرة ..

    ردحذف